وخلاصة المعنى. هوّن عليك يا محمد ما تلقى من هؤلاء المستخفين بحقك فيَّ وفي طاعتي، وامضِ لما أمرتك به من الدعاء إلى توحيدي والإذعان لطاعتي، فإنهم إن تمادوا في غيِّهم.. نسلك بهم سبيل أسلافهم من سائر الأمم، ونعجل النقمة لهم وتحل بهم المثلات.
وقال أبو حيان (١): هذه الآية تسلية لرسول الله - ﷺ - على ما كان يلقى من قومه، وإشارة له بالتأسي بمن سبق من الرسل، وهو نظير: ﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾؛ لأن ما كان مشتركًا من الشدائد أهون على النفس مما يكون فيه الانفراد، وفي التسلية والتأسي من التخفيف ما لا يخفى. وقالت الخنساء:
وَلَوْلَا كَثْرَةُ الْبَاكِيْنَ حَوْلِي | عَلَى إِخْوَانِهِمْ لَقَتَلْتُ نَفْسِيْ |
وَمَا يُبْكُوْنَ مِثْلَ أَخِي وَلَكِنْ | أَسُلِّيْ النَّفْسَ عَنْهُ بِالتَّأَسِّيْ |
وَلاَ بُدَّ مِنْ شَكْوَى إلى ذِيْ مُرُءَةٍ | يُوَاسِيْكَ أَوْ يُسْلِيْكَ أَوْ يَتَوَجَّعُ |
وقرأ عاصم وأبو عمرو وحمزة بكسر دال (٢) ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ﴾ على أصل التقاء الساكنين، وقرأ باقي السبعة بالضم اتباعًا ومراعاة لضم التاء؛ إذ الحاجز بينهما ساكن، وهو حاجز غير حصين.
ولما (٣) كان ما يحل بالمستهزئين بالرسل من الهلاك بموجب سنة الله المطردة فيهم قد يكون موضعًا للريبة والشك لدى المخاطبين بذلك؛ إذ هم أمة أميّة لم تدرس الكتب والتواريخ، ولم تجالس العلماء فتعرف الأخبار بهلاك من
(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.
(٣) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.
(٣) البحر المحيط.