سبحانه وتعالى لما ذكر أنه موجد العالم، المتصرف فيهم بما يريد، ودل ذلك على نفاذ قدرته.. أردفه بذكر رحمته وإحسانه إلى الخلق.
قوله تعالى: ﴿وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ...﴾ مناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر أن له ملك ما حوى المكان من السموات والأرض.. ذكر ما حواه الزمان من الليل والنهار، وأن كان كل واحد من الزمان والمكان يستلزم الآخر، لكن النص عليهما أبلغ في الملكية، وقدم المكان؛ لأنه أقرب إلى العقول والأفكار من الزمان.
قوله تعالى: ﴿أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ...﴾ مناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لما قدم أنه خلق السموات والأرض، وأنه مالك لما تضمنه المكان والزمان.. أمر تعالى نبيه أن يقول لهم ذلك على سبيل التوبيخ لهم؛ أي: من هذه صفاته هو الذي يتخذ وليًّا وناصرًا ومعينًا، لا الآلهة التي لكم؛ إذ هي لا تنفع ولا تضر؛ لأنها بين جماد أو حيوان مقهور.
قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ...﴾ مناسبتها لما قبلها: أنه لما ذكر تعالى انفراده بتصرفه بما يريده من ضر وخير وقدرته على الأشياء.. ذكر قهره وغلبته، وأن العالم مقهورون ممنوعون من بلوغ مرادهم، بل يقسرهم ويجبرهم على ما يريده هو تعالى.
وعبارة "المراغي " هنا: قوله تعالى: ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: لما ذكر (١) سبحانه وتعالى في الآيات السابقة أصول الدين الثلاثة: التوحيد، والبعث والجزاء، ورسالة محمد - ﷺ -، ثم ذكر شبهات الكافرين على الرسالة، وبين ما يدحضها، ثم أرشد إلى سننه تعالى في أقوام الرسل المكذبين، وأن عاقبتهم الهلاك والاستئصال والخزي والنكال تسليةً لرسوله - ﷺ - وتثبيتًا لقلبه، وإعانةً له على المضي في تبليغ رسالته.. ذكر هنا هذه الأصول الثلاثة بأسلوب آخر - أسلوب

(١) المراغي بتصرف.


الصفحة التالية
Icon