السؤال والجواب - بهرهم فيه بالحجة، ودلهم على واضح المحجة تفننًا في الحجاج في المواضع الهامة، فإن الأدلة إذا تضافرت على مطلوب واحد.. كان لها في النفس قبول أيما قبول، وكذلك أساليب الحجاج إذا تنوعت دفعت عن السامع السأم، وجعلته ينشط لسماع ما يلقى إليه، فهو إذا لم يعقل الدليل الأول أو عمي عليه أسلوبه.. رأى في الدليل الثاني ما ينير له طريق المطلوب، أو رأى في الأسلوب الثاني ما يكفيه مؤنة البحث في الدليل الأول، فهو في غنى بما يكون أمامه عن أن يبحث عن فائت، أو يلجأ إلى غائب، ومن ثم نرى الخطباء المفلقين، والعلماء المبرزين ينوعون أساليب حجاجهم، ويكثرون البراهين على المطلوب الواحد، ليكون ذلك أدعى إلى الإقناع، وأقرب إلى الاقتناع انتهت.
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ...﴾ مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى (١) لما بيَّن في الآية السابقة أن شهادة الله على صحة نبوة رسوله - ﷺ - كافية في تحققها.. ذكر هنا كذبهم في ادعائهم أنهم لا يعرفون محمدًا - ﷺ -، فهم يعرفون نبوته ورسالته كما يعرفون أبنائهم.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً...﴾ الآية، سبب نزولها: ما أخرجه (٢) ابن إسحاق وابن جرير من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال: جاء النحام بن زيد، وقردم بن كعب، ومجزىء بن عمرو، فقالوا: يا محمد، ما تعلم مع الله إلهًا غيره؟ فقال: "لا إله إلا الله، بذلك بعثت، وإلى ذلك أدعو" فأنزل الله في قولهم: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً...﴾ الآية.
التفسير وأوجه القراءة
١٢ - ﴿قُل﴾ يا محمد لهؤلاء المكذبين لرسالتك العادلين بربهم المعرضين عن دعوتك، يعني: كفار مكة ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ملكًا وخلقًا وعبيدًا

(١) المراغي.
(٢) لباب النقول.


الصفحة التالية
Icon