والخلاصة (١): أن الفوز والفلاح في الدين والدنيا لا يتم إلا بالعلم الصحيح والعزيمة الحافزة إلى العمل بالعلم، فمن خسر إحدى الفضيلتين.. فقد خسر نفسه، فردًا كان أو أمة، فما بال من خسرهما معًا؟
١٣ - ﴿وَلَهُ﴾ سبحانه وتعالى لا لغيره ﴿مَا سَكَنَ﴾؛ أي: حل واستقر ووجد ﴿في اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ إن قلنا: إنه من السكنى بمعنى: الحلول والاستقرار في المكان، أو: له سبحانه وتعالى ما سكن وتحرك في جميع الأزمان، إن قلنا: إنه من السكون ضد الحركة، وقال مقاتل: من المخلوقات ما يستقر بالنهار وينتشر بالليل، ومنها ما يستقر بالليل وينتشر بالنهار.
فإن قيل (٢): لِمَ خصَّ السكون بالذِّكر دون الحركة؟
فعن ابن العربي ثلاثة أوجه:
أحدها: أن السكون أعم وجودًا من الحركة؛ لأن الساكن من المخلوقات أكثر عددًا من المتحرك.
والثاني: أن كل متحرك قد يسكن وليس كل ساكن يتحرك.
والثالث: أن في الآية إضمارًا، والمعنى: وله ما سكن وتحرك كقوله: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾؛ أي: والبرد، فيكون من باب الاكتفاء.
والمعنى: لله ما في السموات وما في الأرض، وله ما سكن في الليل والنهار، وخص هذا بالذكر وإن كان داخلًا في عموم ما في السموات والأرض تنبيهًا إلى تصرفه تعالى بهذه الخفايا، ولا سيما إذا حسن الليل وهدأ الخلق.
وقال ابن جرير (٣): كل ما طلعت عليه الشمس وغربت، فهو من ساكن الليل والنهار، فيكون المراد منه: جميع ما حصل في الأرض من الدواب والحيوانات والطير وغير ذلك مما في البر والبحر، وهذا يفيد الحصر، والمعنى: إن جميع الموجودات ملك لله تعالى لا لغيره.
(٢) زاد المسير بزيادة.
(٣) الخازن.