الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ}.
٢ - ما أقامه من الآيات في الأنفس والآفاق مما يدل على توحيده واتصافه بصفات الكمال.
٣ - ما أودعه جل شأنه في الفطرة البشرية من الإيمان بإله واحد له صفات الكمال وببقاء النفس.
والخلاصة: أن شهادته تعالى هي شهادة آياته في القرآن، وآياته في الأكوان، وآياته في العقل والوجدان اللذين أودعهما في نفس الإنسان.
وقرأ الجمهور (١): ﴿وَأُوحِيَ﴾ مبنيًّا للمفعول، ﴿الْقُرْآنُ﴾ هو مرفوع به. وقرأ عكرمة وأبو نهيك وابن السميقع والجحدري: ﴿وأوحي﴾ مبنيًّا للفاعل، و ﴿القرآن﴾ منصوب به. والمعنى (٢): أوحى الله سبحانه وتعالى إليَّ هذا القرآنَ الذي تلوته عليكم لأجل أن أنذركم به وأنذر به من بلغ إليه؛ أي: كل من بلغ إليه من موجود ومعدوم سيوجد في الأزمنة المستقبلة إلى يوم القيامة.
والاستفهام في قوله: ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ﴾ للتوبيخ والتقريع لهم والإنكار عليهم على قراءة من قرأ بهمزتين على الأصل، أو بقلب الثانية؛ أي: لا تنبغي ولا تصح منكم هذه الشهادة؛ لأن المعبود واحد لا تعدد فيه. وأما من قرأ على الخبر.. فقد حقق عليهم شركهم؛ أي: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين جحدوا نبوتك واتخذوا آلهة غيري: هل إنكم أيها المشركون لتشهدون وتثبتون وتعتقدون وتقرون ﴿أَنَّ مَعَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿آلِهَةً أُخْرَى﴾ يعني: الأصنام، إن كان الخطاب لأهل مكة، فإنهم أصحاب أوثان، وإن كان لجميع المشركين، فالآلهة كل ما عبد من دون الله تعالى من وثن أو كوكب أو نار أو آدمي، وإنما قال: ﴿أُخْرَى﴾ بتأنيث الصفة وإفرادها؛ لأن ما لا يعقل يعامل جمعه معاملة المؤنثة الواحدة، كما قال بعضهم:

وَجَمْعُ كَثْرَةٍ لِمَا لاَ يَعْقِلُ الأَفْصَحُ الإِفْرَادُ فِيْهِ يَا فُلُ
(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon