عن الشيء بالقول نحو: اجتنب قول الزور، والكف عنه بالفعل، كما قال تعالى: ﴿وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾.
﴿تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ الدعاء: النداء لطلب إيصال الخير أو دفع الضر، ولا يكون عبادةً إلا إذا كان فيما وراء الأسباب العادية التي سخرها الله للعباد، وينالونها بكسبهم واجتهادهم وتعاونهم عليها. ﴿قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا﴾ ضللت بفتح اللام، وهي لغة أهل الحجاز، وهي الفصحى، وهي قراءة الجمهور. وقرىء بكسرها، وهي لغة تميم، وهي قراءة ابن وثاب وطلحة بن مصرف كما مر، قال الجوهري: والضلال والضلالة ضد الرشاد، وقد ضللت أضل، قال الله: ﴿إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي﴾ قال: فهذه - يعني المفتوحة - لغة نجد، وهي الفصيحة، وأهل العالية يقول: ضللت أضل انتهى.
﴿عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾ والبينة: كل ما يتبين به الحق من الحجج العقلية أو الآيات الحسية، ومن ذلك تسمية الشهادة بيّنة، ويجوز أن تكون التاء في بينة للمبالغة كما مر، والمعنى: على أمر بيِّن، فلما نفى أن يكون متبعًا للهوى.. نبه على ما يجب اتباعه وهو الأمر الواضح من الله تعالى: ﴿يَقُصُّ الْحَقَّ﴾ والقصص: ذكر الخبر أو تتبع الأثر، من قص الحديث، أو من قص الأثر؛ أي: تتبعه، قال تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾، وعلى هذه القراءة، فالحق مفعول به اهـ "سمين".
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التكرار في قوله: ﴿لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾، وفي قوله: ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾، وفي قوله: ﴿قُلْ إِنِّي نُهِيتُ﴾، وقوله: ﴿قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ﴾، وقوله: ﴿قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾.
ومنها: الاستعارة في قوله: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾؛ لأنه استعارة عن الكافر والمؤمن.