الخوف الشديد من الوقوع في الهلاك. والاستفهام هنا للتقريع والتوبيخ، كما مرت الإشارة إليه، فالمقصود: أنه عند اجتماع هذه الأسباب الموجبة للخوف الشديد لا يرجع الإنسان فيها إلا إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأنه هو القادر على كشف الكروب وإزالة الشدائد، وهو المراد من قوله: ﴿تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾؛ أي: من إله غير الله ينجيكم ويكشف عنكم تلك الكروب حالة كونكم تدعونه سبحانه وتعالى عند نزولها بكم تضرعًا وجهرًا، وتدعونه خفية وسرًّا، وتخلصون له الدعاء في الحالتين، وتنسون ما تشركون، يعني: إذا اشتد بكم الأمر.. تخلصون له الدعاء تضرعًا منكم إليه واستكانة جهرًا وخفية، يعني: جهرًا حالًا، وسرًّا حالًا، حالة كونكم قائلين في الدعاء ومقسمين له فيه، والله ربنا ﴿لَئِنْ أَنْجَانَا﴾ الله من هذه الظلمات، وخلصنا من الهلاك ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ له على هذه النعمة، نعمة الإنجاء؛ أي: لنكونن من المتصفين بالشكر، المخلصين له بالعبادة دون من نشركه معه في عبادته، والشكر: هو معرفة النعمة مع القيام بحقها لمن أنعم بها.
وقرأ (١) الكوفيون: ﴿مَنْ يُنَجِّيكُمْ﴾ ﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ﴾ بالتشديد فيهما. وقرأ حميد بن قيس ويعقوب وعلي بن نصر عن أبي عمرو بالتخفيف فيهما. وقرأ الحرميان - نافع وابن كثير - والعربيان - أبو عمرو وابن عامر - بالتشديد في ﴿مَنْ يُنَجِّيكُمْ﴾ والتخفيف في ﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ﴾ جمعوا بين التعدية بالهمزة والتضعيف كقوله: ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ﴾. وقرأ (٢) أبو بكر عن عاصم: ﴿خفية﴾ بكسر الخاء وسكون الفاء. وقرأ الباقون بضمها وسكون الفاء، وهما لغتان، وعلى هذا الاختلاف في سورة الأعراف. وقرأ الأعمش: ﴿وخيفة﴾ بكسر الخاء فبعده الياء الساكنة من الخوف؛ أي: مستكينًا أو دعاء خوف. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: ﴿لَئِنْ أَنْجَانَا﴾ بالغيبة. وقرأ الباقون: ﴿لئن أنجيتنا﴾ بالخطاب. والآية تدل (٣) على أن الإنسان يأتي عند حصول الشدائد بأمور.
أحدها: الدعاء.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراح.