شعوب وقبائل مدعاةً إلى التآلف، لا إلى التعادي والتقاتل وبث روح العداوة والبغضاء بين الناس ﴿فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ﴾؛ أي: ولكم موضع استقرار في الأصلاب، وموضع استيداع في الأرحام، وإنما جعل الصلب مقر النطفة، والرحم مستودعها؛ لأن النطفة تتوالد في الصلب ابتداء، والرحم شبيهة بالمستودع، كما قال الشاعر:
وَإِنَّمَا أُمَّهَاتُ النَّاسِ أَوْعِيَةٌ | مُسْتَوْدَعَاتٌ وَللآبَاءِ أَبْنَاءُ |
وقرأ (٢) ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وأبو عمرو وعيسى والأعرج والنخعي: بكسر القاف على صيغة اسم الفاعل، والباقون: بفتحها. وأما ﴿مستودع﴾ فهو بفتح الدال لا غير، وهما مرفوعان على أنهما مبتدان، وخبرهما محذوف، والتقدير على القراءة الأولى - أعني قراءة الكسر -: فمنكم مستقر على ظهر الأرض، وعلى القراءة الثانية - أعني قراءة الفتح -: فلكم مستقر على ظهرها؛ أي: موضع قرار، ومنكم مستودع في الرحم، أو في باطن الأرض، أو في الصلب. وقيل: المستقر في الرحم، والمستودع في الأرض. وقيل: المستقر في القبر. وأكثر أهل التفسير يقولون: المستقر ما كان في الرحم، والمستودع ما كان في الصلب. وقيل: المستقر من خلق، والمستودع من لم يخلق. وقيل: الاستيداع إشارة إلى كونهم في القبور إلى المبعث، ومما يدل على تفسير المستقر
(١) المراح.
(٢) الشوكاني.
(٢) الشوكاني.