فالظاهر أنَّ الخطاب للمؤمنين، والمعنى: وما يدريكم، أيها المؤمنون أن الآية التي تقترحونها إذا جاءت لا يؤمنون بها، يعني: أنا أعلم أنها إذا جاءت لا يؤمنون، وأنتم لا تدرون ذلك، وكان المؤمنون يطمعون في إيمانهم إذا جاءت تلك الآية، ويتمنون مجيئها، فقال: وما يدريكم أنهم لا يؤمنون، على معنى: إنكم لا تدرون ما سبق علمي به من أنهم لا يؤمنون.
القراءة الرابعة: فتح الهمزة والتاء، وهي قراءة ابن عامر وحمزة، والظاهر أنه خطاب للكفار، ويتضح معنى هذه القراءة على زيادة ﴿لاَ﴾؛ أي: وما يدريكم أنكم تؤمنون إذا جاءت، كما أقسمتم عليه انتهى. من "البحر المحيط" بالتقاط واختصار.
١١٠ - وقوله: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ﴾ في هذه (١) الجملة وجهان:
أحدهما: أنها وما عطف عليها من قوله: ﴿وَنَذَرُهُمْ﴾ عطف على ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ داخل في حكم ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾؛ أي: وما يشعركم أيها المؤمنون أنا نقلب أفئدتهم وقلوبهم ونحولها ونصرفها عن إدراك الحق، فلا يفهمونه ﴿و﴾ أنا نقلب ﴿أَبْصَارَهُمْ﴾ عن اجتلاء الحق ورؤيته، فلا يبصرونه، فلا يؤمنون بالآية التي اقترحوها إذا جاءت ﴿كمَا لَمْ يُؤمِنُوا بِهِ﴾ أي: كما لم يؤمنوا بما جاء به محمد - ﷺ - من الآيات ﴿أول مرة﴾؛ أي: قبل نزول مقترحهم من الآيات السابقة على اقتراحهم، كانشقاق القمر؛ أي: كما لم يؤمنوا بما قبل ذلك من الآيات التي جاء بها رسول الله - ﷺ - مثل انشقاق القمر وغير ذلك من الآيات الباهرات، وتكون حالهم حينئذ كحالهم الأولى في عدم إيمانهم بما جاءهم أول مرة من الآيات، وقيل: في الكلام حذف تقديره: فلا يؤمنون به ثاني مرة، كما لم يؤمنوا به أول مرة، وتقليب الأفئدة والأبصار الطبع والختم عليها. ﴿و﴾ ما يشعركم أنَّا ﴿نَذَرُهُمْ﴾ ونتركهم ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ﴾ وضلالهم حالة كونهم ﴿يَعْمَهُونَ﴾ ويترددون في الطغيان متحيرين، والعمه: التردد في الأمر من الحيرة فيه، والطغيان: تجاوز