والأزلام؟ بعدًا لكِ وسحقًا، فتركها الناس، ووقع في صدور أناس منها، وقالوا: ما حرم علينا شيء أشد من الخمر حتى جعل الرجل يلقى صاحبه فيقول: إن في نفسي شيئًا، فيقول صاحبه: لعلك تذكر الخمر، فيقول: نعم، فيقول: إنَّ في نفسي مثل ما في نفسك، حتى ذكر ذلك قوم واجتمعوا فيه، فقالوا: كيف نتكلم ورسول الله شاهد - حاضر - وخافوا أن ينزل فيهم - أي قرآن - فأتوا رسول الله - ﷺ - وقد أعدوا له حجة، فقالوا: أرأيت حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير، وعبد الله بن جحش، أليسوا في الجنة؟ قال: بلى، قالوا: أليسوا قد مضوا وهم يشربون الخمر، فحرم علينا شيء دخلوا الجنة وهم يشربونه، فقال: "قد سمع الله ما قلتم، فإن شاء أجابكم"، فأنزل الله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)﴾، فقالوا: انتهينا. ونزل في الذين ذكروا حمزة وأصحابه: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا...﴾ الآية.
التفسير وأوجه القراءة
٩٠ - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله ورسوله وما أنزل إليه ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ﴾؛ أي: إن الخمر التي تشربونها ﴿وَالْمَيْسِر﴾ الذي تتياسرونه وتلعبون به ﴿وَالْأَنْصَابُ﴾ التي تذبحون عندها ﴿وَالْأَزْلَامُ﴾؛ أي: القداح التي تستقسمون بها ﴿رِجْسٌ﴾؛ أي: قذر تعاف منه العقول السليمة، وإثم سخطه الله وكرهه لكم، وهو ﴿مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ وتحسينه وتزيينه لكم، وقيل: هو الذي كان عمل هذه الأمور بنفسه، فاقتدى به بنو آدم، لا من الأعمال التي ندبكم إليها ربكم، ولا مما يرضاه لكم ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾؛ أي: فاتركوا هذا الرجس ولا تعملوه، وكونوا في جانب غير الجانب الذي هو فيه ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾؛ أي: رجاء أن تفلحوا وتفوزوا بما فرض عليكم من تزكية أنفسكم وسلامة أبدانكم والتواد فيما بينكم، فجملة الترجي علة لما قبلها؛ أي: فاجتنبوا هذا المذكور لكي تنجوا من العذاب، وتدركوا الفلاح إذا اجتنبتم هذه المحرمات التي هي رجس.
والخمر: عصير العنب إذا اختمر؛ أي: صار خمرًا. والمراد هنا: كل


الصفحة التالية