الجهل والغرور يصبح عقيدة في نفوسهم بما يسمعونه من كلام فساق الشعراء المدمنين كأبي نواس في قوله:
تَكَثَّرْ مَا اسْتَطَعْتَ مِنَ المَعَاصِي | فَإِنَّكَ وَاجِدٌ رَبًّا غَفُوْرًا |
وَرَجَوْتُ عَفْوَ اللهِ مُعْتَمِدًا علَى | خَيْرِ الأَنَامِ مُحَمَّدِ المَبْعُوْثِ |
وفي "الصحيحين" عن علي - رضي الله عنه -: ما كنت لأقيم على أحد حدًّا فيموت وأجد في نفس شيئًا إلا صاحب الخمر، فإنه لو مات وَدَيته - أي: دفعت ديته - وذلك أن رسول الله - ﷺ - لم يسنّه. وفي "صحيح مسلم": أن عثمان أتى بالوليد، وقد صلى الصبح ركعتين، وقال: أزيدكم، وشهد عليه الشهود أنه شرب الخمر، فأمر بجلده، وعلي - رضي الله عنه - يعد حتى بلغ الأربعين، فقال: أمسك، ثم قال: جلد النبي - ﷺ - وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكلٌّ سنة، وهذا أحب إلي - يريد الأربعين -. وقوله: وكلٌّ سنة؛ أي: أنه جرى العمل به فعلًا، ولا يعارض ذلك قوله: أن النبي - ﷺ - لم يسن حد الخمر؛ لأن ضربه أربعين مرة واحدة لا يعد سنة محدودة له؛ لأنه قد خالف ذلك في بعض الأحيان، لكنه صار سنة بجري أبي بكر عليه.
والخلاصة: أن العقاب المشروع على شرب الخمر هو الضرب الذي يراد منه إهانة الشارب وزجره وتنفير الناس منه، وأن الضرب أربعين أو ثمانين كان اجتهادًا من الخلفاء، فاختار أبو بكر الأربعين، وعمر الثمانين بموافقته لاجتهاد