تبتغوا} من الابتغاء أيضا.
﴿قَلِيلًا ما﴾؛ أي: تذكرا قليلا؛ أي: قلة أو زمانا قليلا؛ أي: قلة ﴿تَذَكَّرُونَ﴾؛ أي: تتعظون أيها المشركون حيث تتركون دين الله وتتبعون غيره. والمعنى (١): أنتم ما تتعظون بقليل ولا كثير، والمراد: نفي التذكر من أصله، لا إثبات القليل منه. وفي هذا إيماء إلى النهي عن طاعة الخلق في أمر الدين غير ما أنزل الله من وحيه، كما فعل أهل الكتاب في طاعة أحبارهم ورهبانهم فيما أحلوا لهم، وزادوا على الوحي من العبادات، وما حرموا عليهم من المباحات كما جاء في قوله: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْبابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ فكل من أطاع أحدا في حكم شرعي لم ينزله الله.. فقد اتخذه ربا.
واتباع الرسول ﷺ فيما صح عنه من بيان الدين داخل في عموم ما أنزل إلينا على رسوله؛ لأنه تعالى أمرنا باتباعه وطاعته، وأخبرنا أنه مبين لما نزل إليه كما قال: ﴿وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ وقد صح الحديث أنه ﷺ قال: «إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر» رواه مسلم (٢٣٦٢) عن رافع بن خديج في مسألة تأبير النخل - تلقيح النخلة بطلع الذكر -.
وقرأ حفص وحمزة والكسائي (٢): ﴿تَذَكَّرُونَ﴾ - بتاء واحدة وتخفيف الذال -. وقرأ ابن عامر ﴿يتذكرون﴾ - بالياء والتاء وتخفيف الذال -. وقرأ باقي السبعة: ﴿تذّكّرون﴾ بتاء الخطاب وتشديد الذال. وقرأ أبو الدرداء وابن عباس وابن عامر في رواية بتائين. وقرأ مجاهد بياء وتشديد الذال.
٤ - ﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ﴾؛ أي: وكثير من أهل قرية وبلدة ﴿أَهْلَكْناها﴾؛ أي: أردنا إهلاك أهلها لما كذبوا رسلنا ﴿فَجاءَها﴾؛ أي: فجاء أهلها ﴿بَأْسُنا﴾؛ أي: عذابنا ﴿بَياتًا﴾؛ أي: حالة كونهم بائتين واقعين في الليل كقوم لوط ﴿أَوْ هُمْ قائِلُونَ﴾؛ أي: أو حالة كونهم قائلين؛ أي: مستريحين أو نائمين وقت الظهيرة كقوم
(٢) البحر المحيط.