علما بما يسرون وما يعلنون كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطًا﴾. وقال ابن كثير: يخبر (١) تعالى عباده يوم القيامة بما قالوا، وبما عملوا من قليل وكثير، وجليل وحقير؛ لأنه تعالى الشهيد على كل شيء، لا يغيب عنه شيء، بل هو العالم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور، انتهى. وقال أبو حيان: والمعنى: نسرد عليهم أعمالهم قصة قصة بعلم منا لذلك، واطلاع عليه، وما كنا غائبين عن شيء منه، بل علمنا محيط بجميع أعمالهم ظاهرها وباطنها، وهذا من أعظم التوبيخ والتقريع، حيث يقرون بالظلم، وتشهد عليهم أنبياؤهم، ويقص عليهم أعمالهم انتهى. وفي هذا إيماء إلى أن السؤال لم يكن للاستعلام والاستبانة لشيء مجهول عنه تعالى، بل للإعلام والإخبار بما حدث منهم توبيخا لهم، وتأنيبا على إهمالهم. وهذا القصص (٢) هو الذي يكون به الحساب، ويتلوه الجزاء، وقد دل عليه الكتاب الكريم في مواضع عدة، ودلت عليه السنة، فمن ذلك ما رواه ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع يسأل عن الناس، والرجل راع يسأل عن أهله، والمرأة تسأل عن بيت زوجها، والعبد يسأل عن مال سيده».
وما رواه المقدام قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا يكون رجل على قوم إلا جاء يقدمهم يوم القيامة بين يديه راية يحملها، ويتبعونه فيسأل عنهم ويسألون عنه».
وما رواه الترمذي عن أبي برزة الأسلمي مرفوعا «لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه».
وروى الحاكم وابن ماجه حديث شداد بن أوس مرفوعا «الكيس من دان - حاسب - نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني».
(٢) المراغي.