٨ - ﴿وَالْوَزْنُ﴾؛ أي: وزن (١) الأعمال والتمييز بين راجحها وخفيفها، أو وزن صحائف الأعمال، أو وزن فاعليها ثلاثة أقوال: والأول هو الراجح، والوزن: هو عمل يراد به تعرف مقدار الشيء بالميزان، وهو مبتدأ خبره ﴿يَوْمَئِذٍ﴾، وقوله: ﴿الْحَقُّ﴾ صفة للوزن؛ أي: والوزن العدل السوي واقع يومئذ؛ أي: يوم إذ يسأل الله تعالى الرسل وأممهم؛ وهو يوم القيامة ﴿وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ ويصح أن يكون الظرف صفة له، والخبر الحق؛ أي: والوزن (٢) الواقع في ذلك اليوم الذي يسأل الله فيه الرسل والأمم، ويقص عليهم كل ما كان منهم هو الحق؛ أي الذي تعرف به حقائق الأمور وما يستحقه كل أحد من ثواب وعقاب.
فإن قلت: أليس (٣) الله عز وجل يعلم مقادير أعمال العباد، فما الحكمة في وزنها؟.
قلت: فيه حكم كثيرة:
منها: إظهار العدل، وأن الله تعالى لا يظلم عباده.
ومنها: امتحان الخلق بالإيمان بذلك في الدنيا، وإقامة الحجة عليهم في العقبى.
ومنها: تعريف العباد ما لهم من خير وشر، وحسنة وسيئة.
ومنها: إظهار علامة السعادة والشقاوة، ونظيره أنه تعالى أثبت أعمال العباد في اللوح المحفوظ، ثم في صحائف الملائكة الموكلين ببني آدم من غير جواز النسيان عليه تعالى.
﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ﴾ ورجحت ﴿مَوازِينُهُ﴾؛ أي: حسناته على سيئاته؛ فهو (٤) جمع موزون، وجمعه باعتبار اختلاف الموزونات والحسنات، أو المعنى: فمن رجحت وثقلت موازين أعماله بالإيمان وكثرة الحسنات؛ أي: ثقلت كفة اليمين بسبب قوة الإيمان وكثرة الحسنات على كفة الشمال؛ فهو جمع ميزان، فجمعه حينئذ

(١) مدارك التنزيل.
(٢) المراغي.
(٣) الخازن.
(٤) البيضاوي.


الصفحة التالية
Icon