سيئاته مثقال حبة دخل الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته مثقال حبة دخل النار». قيل: ومن استوت حسناته وسيئاته قال: أولئك أصحاب الأعراف.
والذي (١) عليه المعول في الإيمان بعالم الغيب أن كل ما ثبت من أخباره في الكتاب والسنة؛ فهو حق لا ريب فيه، فنؤمن به ولا نحكم رأينا في كيفيته، فنؤمن بأن في الآخرة وزنا للأعمال بميزان يليق بعالم الآخرة توزن به الأعمال، والإيمان، والأخلاق، ولا نبحث عن صورته وكيفيته.
١٠ - ﴿وَ﴾ عزتي وجلالي ﴿لَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ﴾ يا بني آدم ﴿فِي الْأَرْضِ﴾؛ أي: جعلنا لكم في الأرض مكانا وقرارا، وأقدرناكم على الصرف فيها بالزراعة والغراس والبناء. وقال البيضاوي: أي مكناكم من سكناها وزرعها، والتصرف فيها ﴿وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها﴾؛ أي: في الأرض ﴿مَعايِشَ﴾ جمع معيشة، وهي ما يعاش به من المطاعم والمشارب وغيرها؛ أي: جعلنا لكم فيها أسبابا تعيشون بها أيام حياتكم مما تأكلون وتشربون وتلبسون ﴿قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ﴾ الله تعالى؛ أي: تشكرون شكرا قليلا؛ أي: قلة على هذا الفضل والإنعام بالتمكين والجعل المذكورين.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿مَعايِشَ﴾ - بالياء - وهو القياس؛ لأن الياء في المفرد هي أصل لا زائدة، فتهمز، وإنما تهمز الزائدة نحو صحائف في صحيفة. وقرأ الأعرج وزيد بن علي والأعمش وخارجة عن نافع وابن عامر في رواية: ﴿معائش﴾ - بالهمز - وليس بالقياس، لكنهم رووه وهم ثقات، فوجب قبوله، وشذ هذا الهمز كما شذ في منائر جمع منارة، وأصلها منورة، وكان القياس مناور.
والمعنى (٣): وعزتي وجلالي لقد جعلنا لكم يا بني آدم في الأرض أوطانا تتبؤونها وتستقرون فيها، وجعلنا لكم فيها معايش تعيشون بها أيام حياتكم من مطاعم ومشارب نعمة مني عليكم، وإحسانا مني إليكم، وأنشأنا لكم فيها ضروبا شتى من المنافع التي تعيشون بها عيشة راضية من نبات وأنعام، وطير وسمك، ومياه عذبة وأشربة مختلفة الطعوم والروائح، ووسائل مختلفة للتنقل والارتحال

(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.


الصفحة التالية
Icon