وإلى انقطاع الدنيا.
٢٥ - ﴿قالَ﴾ الله سبحانه وتعالى لآدم وذريته، وإبليس وأولاده ﴿فِيها﴾؛ أي: في هذه الأرض التي خلقتم منها ﴿تَحْيَوْنَ﴾؛ أي: تعيشون مدة العمر المقدر لكل منكم، وللنوع بأسره ﴿وَفِيها﴾؛ أي: وفي الأرض ﴿تَمُوتُونَ﴾؛ أي: تكون وفاتكم، وموضع قبوركم حين انتهاء أعماركم ﴿وَمِنْها﴾؛ أي: ومن الأرض ﴿تُخْرَجُونَ﴾؛ أي: يخرجكم ربكم بعد موتكم كلكم حين ما يريد أن يبعثكم من مرقدكم للنشأة الآخرة، ويحشركم للحساب يوم القيامة. وهذا الكلام (١) كالتفسير لقوله: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ﴾ ولذلك جاء ﴿قالَ﴾ بغير واو العطف، وقرأ حمزة والكسائي وابن ذكوان: تخرجون - بالبناء للفاعل هنا - وفي الجاثية والزخرف وأول الروم، وعن ابن ذكوان في أول الروم خلاف. وقرأ باقي السبعة مبنيا للمفعول. ونحو الآية قوله تعالى في سورة طه: ﴿مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (٥٥)﴾.

فصل في مغزى هذا القصص


قص الله - سبحانه وتعالى - علينا خبر النشأة الأولى (٢)؛ ليرشدنا إلى ما فطرنا عليه، وإلى ما يجب علينا من شكره وطاعته، ويبين لنا أنه خلق الإنسان ليكون خليفة في الأرض، وجعله مستعدا لعلم كل شيء فيها، وتسخير ما فيها من القوى لمنافعه، وليهدينا إلى أنه كان في نشأته الأولى في جنة النعيم وراحة البال، وقد جعله مستعدا للتأثر بالأرواح الملكية التي تجذبه إلى الحق والخير، والأرواح الشيطانية التي تجذبه إلى الباطل والشر، وعاقبة التأثر الأولى سعادة الدارين، ونتيجة الثاني الشقاء فيهما، وهو أيضا محتاج إلى الوحي لإرشاده وهدايته. فعلينا أن نعرف غرائزنا، ونربي أنفسنا على أن نتذكر عهد الله إلينا بأن نعبده وحده، ولا نعبد معه أحدا سواه، ولا ننساه فننسى أنفسنا، ونغفل عن تزكيتها، ونتركها كالريشة في مهاب أهواء الشهوات، ووساوس شياطين
(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon