وعينها مفتوحتان، ويقرأ بكسر العين؛ وهي لغة، ويجوز كسرهما جميعا على الإتباع. ذكره أبو البقاء.
فإن قلت (١): هل هذا النداء من كل أهل الجنة لكل أهل النار، أو من البعض للبعض؟
قلت: ظاهر قوله: ﴿وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ﴾ يفيد العموم، والجمع إذا قابل الجمع يوزع الفرد على الفرد، فكل فريق من أهل الجنة ينادي من كان يعرفه من الكفار في دار الدنيا. فإن قلت: إذا كانت الجنة في السماء، والنار في الأرض فكيف يمكن أن يبلغ هذا النداء، أو كيف يصح أن يقع؟
قلت: إن الله قادر على أن يقوي الأصوات والأسماع، فيصير البعيد كالقريب. اه «خازن». ويحتمل أنه تعالى يقرب إحدى الدارين من الأخرى؛ إما بإنزال العليا، وإما برفع السفلى.
فإن قلت: كيف يرى أهل الجنة أهل النار وبالعكس مع أن بينهما حجابا وهو سور الجنة؟.
أجيب: باحتمال أن سور الجنة لا يمنع الرؤية لما وراءه لكونه شفافا كالزجاج، وباحتمال أن فيه طاقات تحصل الرؤية منها. وقرأ (٢) ابن وثاب والأعمش والكسائي في جميع القرآن: ﴿نعم﴾ - بكسر العين -. قال مكي من قال: ﴿نِعَم﴾ بكسر العين فكأنه أراد أن يفرق بين نعم التي هي جواب، وبين نعم التي هي اسم للبقر والغنم والإبل.
﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ﴾؛ أي: فنادى مناد ﴿بَيْنَهُمْ﴾؛ أي: بين أهل الجنة وأهل النار؛ أي: نادى مناد أسمع الفريقين كلهم قائلا: ﴿أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ لأنفسهم الجانين عليها بما أوجب حرمانها من النعيم المقيم، وهذا المؤذن إما مالك خازن النار، وإما ملك غيره يأمره الله بذلك.

(١) الفتوحات.
(٢) البحر المحيط وفتح القدير.


الصفحة التالية
Icon