قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي والبزي بتشديد (١): ﴿أنّ﴾ ونصب ﴿لعنة﴾ وهو الأصل، وقرأ الباقون ﴿أَنْ﴾ بالتخفيف ورفع ﴿لَعْنَةُ﴾ على أنها المخففة من الثقيلة، أو المفسرة. وقرأ الأعمش بكسر همزة ﴿إن﴾ على إضمار القول،
٤٥ - ثم المراد بالظالمين ﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾؛ أي: الذين يعرضون بأنفسهم عن سلوك سبيل الله الموصلة إلى مرضاته وثوابه، ويمنعون الناس عن سلوكها تارة بالزجر والقهر، وأخرى بسائر الحيل ﴿وَيَبْغُونَها عِوَجًا﴾؛ أي: يطلبون اعوجاجها؛ أي: يريدون إثبات كونها معوجة مائلة عن الحق بإلقاء الشكوك في أدلتها، أو ينفرون الناس عنها، ويقدحون في استقامتها بقولهم: إنها غير حق، وأن الحق ما هم عليه. وفي «أبي السعود» في آل عمران: بأن يلبسوا على الناس، ويوهموهم أن فيها ميلا عن الحق بنفي النسخ، وتغيير صفة الرسول ﷺ عن وجهها، ونحو ذلك. اه. وفي «الخازن»: هنا (٢) ﴿وَيَبْغُونَها عِوَجًا﴾؛ أي: يحاولون أن يغيروا دين الله وطريقته التي شرع لعباده ويبدلونها. وقيل معناه: أنهم يصلون لغير الله، ويعظمون ما لم يعظمه الله، وذلك أنهم طلبوا سبيل الحق بالصلاة لغير الله، وتعظيم ما لم يعظمه الله، فأخطؤوا الطريق وضلوا عن السبيل. اه.
٤٦ - ﴿وَبَيْنَهُما﴾؛ أي: وبين الفريقين؛ فريقي أهل الجنة وأهل النار، أو بين الجنة والنار ﴿حِجابٌ﴾؛ أي: حاجز يفصل كلّا منهما من الآخر، ويمنعه من الاستطراق إليه، وهذا الحجاب هو السور الذي سيأتي ذكره في سورة الحديد بقوله: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (١٣)...﴾ الآية. ﴿وَعَلَى الْأَعْرافِ﴾؛ أي: وعلى أعالي ذلك السور المضروب بين الجنة والنار ﴿رِجالٌ﴾ يرون أهل الجنة وأهل النار جميعا قبل الدخول فيها، فـ ﴿يَعْرِفُونَ كُلًّا﴾ من أهل الجنة وأهل النار ﴿بِسِيماهُمْ﴾؛ أي: بعلامتهم التي أعلمهم الله تعالى بها كبياض الوجه وسواده، وهي التي وصفهم الله تعالى بها في نحو قوله: {وُجُوهٌ

(١) الشوكاني.
(٢) الخازن.


الصفحة التالية
Icon