على بابه، والنصب بفعل مقدر، وقيل: إنها منصوبة بأفعل التفضيل؛ أي: إن ربك أعلم أي الناس يضل عن سبيله، وهو ضعيف،
وقيل: في محل نصب بنزع الخافض؛ أي: بمن يضل. قاله بعض البصريين، وقيل: في محل جر بإضافة أفضل التفضيل إليها. والله أعلم.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعا من الفصاحة والبلاغة والبيان والبديع:
فمنها: الإضافة لتشريف المضاف إليه في قوله: ﴿وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ﴾ وفيه أيضا التعرض لوصف الربوبية تلطفا في التسلية.
ومنها: الترقي في قوله: ﴿وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا﴾. قال أبو حيان (١): وترتيب هذه المفاعيل في غاية الفصاحة؛ لأنه أولا يكون الخداع، فيكون الميل، فيكون الرضا، فيكون الفعل، فكان كل واحد منها مسبب عما قبله.
ومنها: التهديد والوعيد في قوله: ﴿وَلِيَقْتَرِفُوا﴾ على حد قوله ﴿اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ﴾.
ومنها: الإبهام في قوله: ﴿ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ﴾ لإفادة التعظيم والتبشيع لما يعملون نظير قوله: ﴿فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ﴾.
ومنها: التهييج والإلهاب في قوله: ﴿فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ لأن النبي ﷺ معصوم من الامتراء إن كان الخطاب له.
ومنها: الإظهار في مقام الإضمار في قوله: ﴿لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ﴾ اعتناء بشأنها، وحق العبارة لا مبدل لها لتقدم المرجع.
ومنها: إطلاق العام وإرادة الخاص في قوله: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ﴾ لأن المراد علماء أهل الكتاب، وفي قوله: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ لأن المراد بالأكثر رؤساء مكة،