خليفة يخلف الله عزّ وجلّ في الحكم بين عباده..
والثاني: أنهم يخلفون من سبقهم؛ لأن الأرض كانت معمورة قبل آدم؛ وعلى هذا الاحتمال تكون ﴿خليفة﴾ هنا بمعنى الفاعل؛ وعلى الأول بمعنى المفعول..
والثالث: أنه يخلف بعضهم بعضاً؛ بمعنى: أنهم يتناسلون: هذا يموت، وهذا يحيى؛ وعلى هذا التفسير تكون ﴿خليفة﴾ صالحة لاسم الفاعل، واسم المفعول..
كل هذا محتمل؛ وكل هذا واقع؛ لكن قول الملائكة: ﴿أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء﴾ يرجح أنهم خليفة لمن سبقهم، وأنه كان على الأرض مخلوقات قبل ذلك تسفك الدماء، وتفسد فيها، فسألت الملائكة ربها عزّ وجلّ: ﴿أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء﴾ كما فعل من قبلهم. واستفهام الملائكة للاستطلاع، والاستعلام، وليس للاعتراض؛ قال تعالى: ﴿إني أعلم ما لا تعلمون﴾ يعني: وستتغير الحال؛ ولا تكون كالتي سبقت..
قوله تعالى: ﴿ونحن نسبح﴾ أي نُنَزِّه؛ والذي يُنَزَّه الله عنه شيئان؛ أولاً: النقص؛ والثاني: النقص في كماله؛ وزد ثالثاً إن شئت: مماثلة المخلوقين؛ كل هذا يُنَزَّه الله عنه؛ النقص: مطلقاً؛ يعني أن كل صفة نقص لا يمكن أن يوصف الله بها أبداً. لا وصفاً دائماً، ولا خبراً؛ والنقص في كماله: فلا يمكن أن يكون في كماله نقص؛ قدرته: لا يمكن أن يعتريها عجز؛ قوته: لا يمكن أن يعتريها ضعف؛ علمه: لا يمكن أن يعتريه نسيان... وهلم جراً؛ ولهذا قال عزّ وجلّ: {ولقد خلقنا السموات والأرض


الصفحة التالية
Icon