القول الأول: أن المراد بذلك التوراة. يسمعونها ثم يحرفونها. أي يغيرونها؛ ومنه قولهم: حَرَفْت الدابة. يعني غيرت اتجاهها؛ ﴿من بعد ما عقلوه﴾ أي من بعد ما فهموها، وعرفوا معناها، ولم تشكل عليهم؛ ومن ذلك تحريفهم إياها في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ومبعثه، وقولهم: إنه الرسول المنتظر. وليس هذا الرسول..
والقول الثاني: أن المراد بذلك الذين أسمعهم الله كلامه سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام؛ وهم الذين اختارهم موسى. وهم سبعون رجلاً فأسمعهم الله تعالى كلامه لموسى، ولكنهم قالوا: ﴿لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة﴾، ثم حرفوا ما سمعوه من كلام الله سبحانه وتعالى لموسى..
وقد بحثت في كتب التفسير التي لدي فلم أجد احتمالاً ثالثاً. وهو أن المراد بـ ﴿كلام الله﴾ القرآن، وأنهم يسمعونه، ثم يحرفونه؛ لأن القرآن كلام الله؛ وقد قال الله تعالى: ﴿وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله﴾ [التوبة: ٦] أي حتى يسمع القرآن؛ فإن كان هذا الاحتمال صحيحاً فهو أقرب من القولين السابقين. والله أعلم بمراده..
قوله تعالى: ﴿وهم يعلمون﴾ أي يعلمون أنهم يحرفون الكلم أي كلام الله عزّ وجلّ، ويعلمون أن التحريف محرم؛ فتعدوا الحدود، وحرفوا كلام الله عزّ وجلّ، وارتكبوا الإثم عن بصيرة..
الفوائد:
. ١ من فوائد الآية: أن من كان لا يؤمن بما هو أظهر فإنه


الصفحة التالية
Icon