بعدها مؤول بمصدر، والتقدير: كفرُهم؛ وهو المخصوص بالذم؛ وإعرابه مبتدأ مؤخر خبره الجملة قبله؛ ﴿بما أنزل الله﴾ :"ما" هذه اسم موصول بمعنى الذي؛ والمراد به: القرآن؛ لأنه تعالى قال في الأول: ﴿ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم﴾ ؛ و ﴿بغياً﴾ مفعول لأجله عامله: قوله تعالى: ﴿يكفروا﴾ ؛ و "البغي" فسره كثير من العلماء بالحسد؛ والظاهر أنه أخص من الحسد؛ لأنه بمعنى العدوان؛ لأن الباغي هو العادي، كما قيل: على الباغي تدور الدوائر؛ وقيل: البغي: مرتعُ مبتغيه وخيم؛ فالبغي ليس مجرد الحسد فقط؛ نعَم، قد يكون ناتجاً عن الحسد؛ والذين فسَّروه بالحسد فسَّروه بسببه..
قوله تعالى: ﴿أن ينزل الله من فضله﴾ :"الفضل" في اللغة: زيادة العطاء؛ والمراد بـ "الفضل" هنا الوحي، أو القرآن، كما قاله تعالى: ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون﴾ (يونس: ٥٨).
قوله تعالى: ﴿على مَن يشاء من عباده﴾ :﴿مَنْ﴾ اسم موصول؛ والمراد: النبي ﷺ لأن القرآن في الحقيقة نزل على النبي ﷺ للناس، كما قال تعالى: ﴿كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور﴾ [إبراهيم: ١] ؛ و ﴿يشاء﴾ أي يريد بالإرادة الكونية؛ والمراد بـ ﴿عباده﴾ هنا الرسل..
قوله تعالى: ﴿فباءوا﴾ أي رجعوا؛ ﴿بغضب﴾ : الباء للمصاحبة. يعني رجعوا مصطحبين لغضب من الله سبحانه وتعالى؛ ونكَّره للتعظيم؛ ولهذا قال بعض الناس: إن المراد بـ "الغضب": غضب الله سبحانه وتعالى، وغيره. حتى المؤمنين