فنحن لو آمنا حقيقة الإيمان بهذا الوعد الصادق الذي لا يُخلَف لكنا منصورين في كل حال؛ لكن الإيمان ضعيف؛ ولهذا صرنا نخشى الناس أكثر مما نخشى الله عزّ وجلّ؛ وهذه هي المصيبة، والطامة العظيمة التي أصابت المسلمين اليوم؛ ولذلك تجد كثيراً من ولاة المسلمين. مع الأسف. لا يهتمون بأمر الله، ولا بشريعة الله؛ لكن يهتمون بمراعاة فلان، وفلان؛ أو الدولة الفلانية، والفلانية. ولو على حساب الشريعة الإسلامية التي من تمسك بها فهو المنصور، ومن خالفها فهو المخذول؛ وهم لا يعرفون أن هذا هو الذي يبعدهم من نصر الله؛ فبدلاً من أن يكونوا عبيداً لله أعزة صاروا عبيداً للمخلوقين أذلة؛ لأن الأمم الكافرة الكبرى لا ترحم أحداً في سبيل مصلحتها؛ لكن لو أننا ضربنا بذلك عُرض الحائط، وقلنا: لا نريد إلا رضى الله، ونريد أن نطبق شريعة الله سبحانه وتعالى على أنفسنا، وعلى أمتنا؛ لكانت تلك الأمم العظمى تهابنا؛ ولهذا يقال: من خاف الله خافه كل شيء، ومن خاف غير الله خاف من كل شيء..
. ٨. ومن فوائد الآية: الدلالة على جهل المنافقين؛ لأن الله عزّ وجلّ نفى العلم عنهم؛ لقوله تعالى: ﴿ولكن لا يعلمون﴾ ؛ فالحقيقة أنهم من أجهل الناس. إن لم يكونوا أجهل الناس؛ لأن طريقهم إنما هو خداع، وانخداع، وتضليل؛ وهؤلاء المنافقون من أجهل الناس؛ لأنهم لم يعلموا حقيقة أنفسهم، وأنهم هم السفهاء..