القرآن
﴿) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة: ٢٠٨)
التفسير:
{٢٠٨﴾
قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ : الخطاب للمؤمنين؛ وقد تَقدم أن الله تعالى إذا ابتدأ الحكم بالنداء فهو دليل على العناية به؛ لأن المقصود بالنداء تنبيه المخاطب؛ ولا يتطلب التنبيه إلا ما كان مهماً؛ فعندما أقول: «انتبه» يكون أقل مما لو قلت: «يا فلان انتبه» ؛ ثم إذا كان الخطاب للذين آمنوا فإن في ذلك ثلاث فوائد سبق ذكرها (١).
قوله تعالى: ﴿ادخلوا في السلم كافة﴾ ؛ ﴿السلم﴾ فيها قراءتان: بفتح السين؛ وبكسرها؛ والمراد به الإسلام؛ وهو الاستسلام لله - تعالى - ظاهراً، وباطناً.
فإن قال قائل: كيف يقول: ﴿ادخلوا في السلم﴾ ونحن قد عرفنا من قبل أن الإيمان أكمل من الإسلام؛ لقوله تعالى: ﴿قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم﴾ ؟ [الحجرات: ١٤]، قلنا: إن هذا الأمر مقيد بما بعد قوله: ﴿في السلم﴾ ؛ وهو قوله تعالى: ﴿كافة﴾ ؛ فيكون الأمر هنا منصباً على قوله تعالى: ﴿كافة﴾ ؛ و ﴿كافة﴾ اسم فاعل يطلق على من يكف غيره؛ فتكون التاء فيه للمبالغة، مثل: راوية، ساقية،
_________
(١) انظر ١/٣٣٧.


الصفحة التالية
Icon