ومَحَلُّ النهي عن ذلك إذا لم يكن رأس آية، فإن كان فيجوز الوقف عليها والابتداء بما بعدها ولو كان التعلُّق المذكور موجودًا فيها لورود السنَّة بالوقف (١) على نحو: ﴿الْعَالَمِينَ (٢)﴾، والابتداء ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)﴾، ولأنَّ رؤوس الآي فواصل بمنزلة فواصل السجع والقوافي، فلا بأس بالوقف عليها مع ذلك إن أُمِن اللَّبْسُ.
تنبيه: المراد بالتعلُّق المعنوي أن يتعلَّق المتأخِّر بالمتقدِّم من حيث المعنى لا الإِعراب، كالإِخبار عن حال المؤمنين والكافرين، أو تمام قصة ونحو ذلك. وباللفظي أن يتعلَّق به من حيث معنى الإِعراب لا المعنى؛ لكونه صفة له أو معطوفًا عليه، ونحو ذلك.
وأما القبيح: فهو الوقف على اللفظ الذي لم يستقل بمعنى، كالوقف على المضاف دون المضاف إليه، وعلى الرافع دون مرفوعه، وعلى الناصب دون منصوبه، وعلى أداة الشرط دون شرطها، وعلى الشرط دون جزائه، وعلى الموصوف دون صفته إذا لم يَتِمَّ معناه

(١) وذلك لما روته السيدة أمُّ سَلَمة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله - ﷺ - يُقَطِّع قراءته يقول: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ثم يقف، ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)﴾ ثم يقف، وكان يقرؤها: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)﴾.
الحديث رواه الترمذي ح (٢٩٢٧)، ورواه وأبو داود بلفظ قريب ح (٤٠٠١).
قال الإِمام المقرئ أبو عمرو الداني في كتابه "المكتفى في الوقف والابتدا" ص ١٤٧: ولهذا الحديث طرق كثيرة، وهو أصلٌ في هذا الباب.
وقال الإِمام ابن الجَزَري في "النشر" ١/ ٢٢٤: رواه أبو داود ساكتًا عليه، والترمذي، وأحمد، وأبو عبيدة، وغيرهم، وهو حديث حَسَن وسنده صحيح.


الصفحة التالية
Icon