قوله: ﴿وإذ جعلنا البيت مثابةً للناس﴾ [البقرة: ١٢٥]، قيل: مكانًا يثوبون إليه كل وقت على ممر الأيام وتكرر الأعوام، لا يملون منه. وقيل: مكانًا يكسبون فيه الثواب. ولا شك أنه موجودٌ فيه الأمران. ومنه إن فلانًا لمثابةً ولمثابًا، أي تأتيه الناس لمعروفه، ويرجعون إليه مرةً أخرى، فالمثابة والمثاب كالمقامة والمقام.
قوله: ﴿ثيباتٍ وأبكارًا﴾ [التحريم: ٥]؛ الثيبات جمع ثيبٍ؛ قيل: سميت بذلك لأنها توطأ وطأ بعد وطء، أي يراجع وطؤها. وقيل: لأنها ثابت عن الزوج أي رجعت عنه. وفي الحديث: «الثيب أحق بنفسها». وأصل الثيب ثيوب بزنة فيعل، فاجتمعت الياء والواو وسيقت إحداهما بالسكون فقبلت الواو ياء وأدغمت فيها الياء نحو ميت في ميوت. وأصل مثابة ومثاب مثوبةٌ ومثوبٌ، فنقلت حركة الواو إلى الياء، فتحرك حرف العلة في الأصل، فانفتح ما قبله، فقلب ألفًأ، ففي كل من اللفظتين ثقلٌ وقلبٌ. وأما مثوبٌ فأصلها مثوبة، فنقلت الضمة إلى اثاء؛ ففيها ثقلٌ فقط.
والتثويب: [تكرار] النداء، ومنه تثويب الأذان، لأن فيه ترجيعًا، قيل: وأصله أن المستصرخ بلغ بثوبه عند ندائه.
قال الراغب: والثبة: الجماعة الثائب بعضهم إلى بعضٍ في الظاهر. قال الشاعر: [من الوافر]
٢٥٧ - وقد أغدو على ثبة كرام
وثبة الحوض: ما يثوب إليه الماء. قلت: قد تقدم أن ثبة مما حذفت لامه، وهذا يعطي أن المحذوف عينه. وقد نص هو على أن الثبة بمعنى الجماعة مما حذفت لامه. قال: وأما ثبة الحوض فوسطه، وليست من هذا الباب كما ذكره في تلك المادة.


الصفحة التالية
Icon