وقوله: ﴿إن الناس قد جمعوا لكم﴾ [آل عمران: ١٧٣] قيل: جمعوا آراءهم بالفكر والتدبر والمكر، وقيل: جمعوا جنودهم ليقاتلوكم بهم، وكلا الأمرين قد كان. وقوله: ﴿وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ﴾ [النور: ٦٢]، يجوز أن يكون مثل تامر ورامحٍ أي ذي جمعٍ، وأن يكون بمعنى ذي خطر وشأنٍ يجتمع له الناس. فنسب الجمع إليه كأنه هو الذي جمعهم.
وقوله: ﴿ذلك يوم مجموع له الناس﴾ [هود: ١٠٣] أي جمع لأجله الناس لفصل القضاء فيه، ولذلك سماه مشهودًا لأنه يحضره الخلائق أجمعون.
وقوله: ﴿وتنذر يوم الجمع﴾ [الشورى: ٧] يجوز أن يكون الجمع بمعنى الاجتماع، وأن يكون على أصله. يقال: جمعتهم فاجتمعوا. وقوله: ﴿نحن جميع منتصر﴾ [القمر: ٤٤] قدروا أنهم يغلبونه عليه الصلاة والسلام باجتماعهم وتضامهم، فأعلمه الله أنهم مهلكون من الجهة التي قدروا منها غلبتهم وانتصارهم. فقال: سيهزم الجمع وما أبلغ ما جاء: ﴿سيهزم الجمع﴾ [القمر: ٤٥] دون أن يقول: الجميع. كما قالوا: ﴿نحن جميع﴾ لمعنى بديعٍ حققناه في موضعه.
وقوله عليه الصلاة والسلام: "أوتيت جوامع الكلم" فسره الهروي بأنه القرآن العظيم؛ قال: يعني القرآن؛ جمع الله بلطفه في ألفاظٍ بسيرةٍ منه معاني كثيرة. والظاهر أنه يريد ما أوتيه ﷺ من البلاغة الإيجاز، ويشهد له "واختصر لي الكلام اختصارًا" وفي صفته عليه الصلاة والسلام: "كان يتكلم بجوامع الكلم" يريد: ما قل لفظه وكثر معناه. والجماع: جماعات من قبائل شتى متفرقةٍ، فإذا كانوا مجتمعين قيل: جمع. قال أبو قيس: [من السريع].
٢٩٩ - ثم تجلت ولنا غاية | من بين جمعٍ غير جماع |