[المؤمنون: ٥] كناية عن العفة، وأصله: منع أنفسهم من الوطء الحرام. قوله: ﴿وعندنا كتاب حفيظ﴾ [ق: ٤] يجوز أن يكون بمعنى حافظٍ وهو الظاهر موافقةً لقوله: ﴿لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها﴾ [الكهف: ٤٩] وأن يكون بمعنى محفوظٍ كما صرح به ﴿في لوح محفوظٍ﴾ [الأنعام: ٩٢] فيه تنبيه على أنهم يحفظونها بمراعاة أوقاتها وأركانها وشرائطها والتحرر مما يجمل بها من جهاده، وبعد من حديث النفس، كما أنها هي تحفظهم. وأشار إليه بقوله: ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ [العنكبوت: ٤٥] ولا حفظ أبلغ من حفظ من يحفظك من ارتكاب هذين الفعلين القبيحين.
والحفاظ والمحافظة كأن كلًا منهما يحفظ. والتحفظ: قلة الغفلة وتحقيقه تكلف الحفظ لضعف القوة الحافظة. ولما كانت تلك القوة من أسباب العقل توسعوا في تفسيره. والحفيظة: الغضب الحال على المحافظة، ثم قيل للغضب المجرد، فقالوا: أحفظه، أي أغضبه. وفي الحديث: «فبدرت مني كلمة أحفظته» ومثلها الحفظة أيضًا؛ يقال: حفيظة وحفظة. وأنشد للعجاج: [من الرجز]
٣٧٩ - جاري لا تستنكري عذيري... وحفظة أكنها ضميري
وقيل: الهمزة في أحفظ للسلب، والمعنى: أزال حفظ مودته
ح ف ف:
قوله تعالى: ﴿وترى الملائكة حافين من حول العرش﴾ [الزمر: ٧٥] أي محدقين به من جميع جهاته، وفيه تنبيه على كثرة خلقه وعظم ملكوته، وذلك أن عرشه أعظم المخلوقات، ومع ذلك خلق ملائكة يحفون بهذا الحرم العظيم المتزايد في العظمة.