وقوله: ﴿فالحاملات وقرا﴾ [الذاريات: ٢] هي السحاب لحملها ما المطر. وقال الراغب: الحمل معنى واحد واعتبر في أشيا كثيرة فسوي بين لفظه في الفعل. وفرق بين كثير من مصادرها؛ يقال في الأثقال المحمولة في الظاهر كالشيء المحمول على الظهر: حمل، وفي الأثقال المحمولة في الظاهر كالشيء المحمول على الظهر: حمل، وفي الأثقال المحمولة في البطن حمل كالولد في البطن والماء في السحاب والثمر في الشجر تشبيهاً بحمل المرأة. يقال: حملت الثقل والرسالة والوزر حملاً، ومنه: ﴿وساء لهم يوم القيامة حملا﴾ [طه: ١٠١] بدليل قوله: ﴿وهم يحلون أوزارهم على ظهورهم إلا ساء ما يزرون﴾ [الأنعام: ٣١] وقوله: ﴿مثل الذين حملوا التوراة﴾ [الجمعة: ٥] أي كلفوا حملها، أي القيام بحقها فلم يحملوها. ويقال: حملته كذا فتحمله، وحملته على كذا فتحمله واحتمله وحمله.
قوله: ﴿فإنما عليه ما حمل﴾ [النور: ٥٤] أي البلاغ، ﴿وعليكم ما حملتم﴾ [النور: ٥٤] من الإيمان به وبما جاء به. وقوله: ﴿حملت حملاً خفيفاً﴾ [الأعراف: ١٨٩] إشارة إلى الحبل، والأصل في ذلك الحمل على الظهر، فاستعير للحبل بدليل قولهم: وسقت الناقة إذا حملت. وأصل الوسق الحمل المحمول على ظهر البعير. وقوله: ﴿ومن الأنعام حمولة وفرشاً﴾ [الأنعام: ١٤٢] فالحمولة ما استحق أن تحمل عليه الأحمال، صغار الإبل. فالحمولة عليه كالركوبة لما يركب عليه.
وقوله: ﴿إن تحمل عليه يلهث﴾ [الأعراف: ١٧٦] أي يطرده كما يطرد المقاتل مقاتله. والحمولة بضمتين لما يحمل. والحمل بفتحتين يعني المحمول، كالقبض بمعنى المقبوض، وخص بصغير الضأن لحمل أمه أياه، أو لعجزه فيحمل. والحميل: ما يحمله السيل والغريق تشبيهاً بالسيل والولد في البطن. والحميل: الكفيل، لتحمله الحق. وميراث الحميل لمن لا يتحقق نسبه والحميل للسحاب الكثير الماء لحمله إياه.
و ﴿حمالة الحطب﴾ [المسد: ٤] أي تمشي بالنميمة، وقد تقدم ذلك في


الصفحة التالية
Icon