فإنَّ ما في الإنسانِ إمَّا لمجردِ زينةٍ كاللحية والحاجبِ، وإما للحاجةِ. ثم هذا قسمان: تشتدُّ الحاجةُ إليه كاليدينِ والرِّجلين فمن ثمَّ سُميتْ هذه آرابًا. وفي الحديث: «أنَّ رجلاً اعترضَ النبيَّ ﷺ ليسألَه فصاحَ به الناسُ، فقالَ لهم النبيُّ صلى لله عليه وسلم: أرِبَ مالَهُ؟»؛ قال ابنُ الأعرابي: معناهُ احتاجَ فسألَ، ما لَه؟ وفي حديثٍ آخرَ: «فدعوهُ، فأرَّبٌ مالَهُ»؛ قال الأزهريُّ: معناه: فحاجةٌ جاءتْ بهِ فدَعوهُ. وقال القتيبيُّ في قوله: أرِبَ مالَهُ: سَقطتْ آرابُه وأُصِيبتْ. وهذهِ كلمةٌ لا يرادُ بها حقيقة الدُّعاء كقوله: عَقْرَى حَلْقَى، وتَرِبتْ يداكَ، يعني أنَّ قولَه: سقطتْ آرابُه أي أعضاؤهُ كما تقدَّم.
وفي نحوِ ما يردُ من ذلكَ منهُ عليه السلامُ قولانِ أحدُهما أنه دعاءٌ على بابِه. ولكنَّ النبيَّ ﷺ لرأفتِه بنا قالَ: «اللهمَّ إنما أنا بشرٌ فمن دعوتُ عليهِ فاجعلْ دُعائي رحمة له». والثاني أنه على التعجب كقولهم: قاتَلَه الله ُ ما أشعَرهُ!، ولله دّرّه، وتَرِبتْ يداهُ، و ﴿قُتل الإنسانُ﴾ [عبس: ١٧]. وفي آخر: أربٌ، ما لَهُ؟ أي هو حاذقٌ فطنٌ. قال أبو العيال: [من مجزوء الوافر]
٤٨ - يَلُفُّ طوائف الفُرسا | نِ، وهْو بلَفِّهِمْ أرِبُ |
وأَرَّبَ مالُه: كثُر، وأَرَّبْتُ العُقدةَ: أحكمتُها وشدَدْتُها، ومنه قولُ سعيد بن العاصِ لابنهِ عمرو: لا تتأرَّبْ على بَناتي أي تتشدَّدْ. وعن عائشةَ رضيَ الله عنها في حقِّه عليه الصلاة والسلام: «كانَ أمْلَكَكُم لأَرَبهِ» أي لحاجتهِ. وفي الحديثِ: «مؤاربةُ الأريبِ