لشدة افتضاحهم. ويعبر بالسواء عن الوسط، ومنه قوله: ﴿في سواء الجحيم﴾ [الصافات: ٥٥]. ويقال: ما زلت أكتب حتى انقطع سواي. قوله: ﴿ثم استوى إلى السماء﴾ [البقرة: ٢٩] أي قصد. قال ابن عرفة: الاستواء من الله: الإقبال على الشيء والقصد له. حكى الفراء عنهم: استوى إلى يخاصمني، أي أقبل علي. قال: وحدثني داود بن علي الأصبهاني قال: كنت عند ابن الأعرابي فأتاه رجلٌ فقال: ما معنى قوله: ﴿الرحمن على العرش استوى﴾؟ [طه: ٧٠] فقال: هو على عرشه كما أخبر. فقال الرجل: إنما معناه: استولى. فقال: ما يدريك؟ العرب لا تقول: استولى على الشيء حتى يكون مصادفًا بهما غلبٌ فقد استولى. أما سمعت قول النابغة: [من البسيط]

٧٧٥ - إلا لمثلك أو من أنت سابقه سبق الجواد قد استولى على الأمد
وقد سئل مالك بن أنس عن الاستواء فقال: الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجبٌ، والسؤال عنه بدعةٌ.
قوله تعالى: ﴿إذ نسويكم برب العالمين﴾ [الشعراء: ٩٨] أي نعدلكم به، فنجعلكم سواءً في العبادة. وهذا سيان، أي مثلان. واستغني بتثنية سي عن تثنية سواء غالبًا. وسمع سواءان؛ قال الشاعر: [من البسيط]
٧٧٦ - من يفعل الحسنات الله يشكرها والشر بالشر عند الله سيان
قوله: ﴿صراطًا سويًا﴾ [مريم: ٤٣] أي مستويًا مستقيمًا. قوله تعالى: ﴿سواء بيننا وبينكم﴾ [آل عمران: ٦٤] أي عدل ذات استواءٍ. ولنا في مسألة الاستواء كلامٌ أتقناه! مع المبتدعة في «القول الوجيز».


الصفحة التالية
Icon