ومن قرأ: ﴿شركاء﴾ أراد به جمع شريك وأصله الشركة. والمشاركة: خلط الملكين. وقيل: وهو أن يوجد شيء لاثنين فصاعدًا؛ عينًا كان ذلك الشيء أو معنىً كمشاركة الإنسان والفرس في الحيوانية، ومشاركة فرسٍ وفرسٍ في الكمتة والدهمة يقال: شركته وشاركته وتشاركته وتشاركوا واشتركوا. وأشركته في كذا؛ قال تعالى: ﴿وأشركه في أمري﴾ [طه: ٣٢] وفي الحديث: «اللهم أشركنا في دعاء الصالحين».
ثم الشرك ضربان: ضرب يجعل لله فيه شريك. وهذا- والعياذ بالله منه- وصفه تعالى بأنه ظلم عظيم والثاني الشرك الصغير، وهو مراعاة غير الله في بعض الأمور، وذلك كالرياء والنفاق المشار إليهما بقوله: ﴿جعلا له شركاء فيما أتاهما﴾ في أحد الأقوال وقوله تعالى: ﴿وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون﴾ [يوسف: ١٠٦] وقال آخرون: معنى «مشركون» أي واقعون في شرك الدنيا، أي حبائلها ومن ثم قال عليه الصلاة والسلام: «الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا» ولفظ الشرك من الألفاظ المشتركة قوله: ﴿ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا﴾ [الكهف: ١١٠] الظاهر أنه الشرك المعروف وقيل: هو الرياء.
قوله: ﴿فاقتلوا المشركين﴾ [التوبة: ٥] قيل: هذا عام، قد خص بغير الرهبان والنساء والذراري. وقيل: لم يدخل أهل الكتابين والظاهر دخولهم لقولهم: ﴿عزيز ابن الله﴾ [التوبة: ٣٠] ﴿المسيح ابن الله﴾ إلا أن يؤدوا الجزية واحتج من أخرجهم بقوله: ﴿إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا﴾ [الحج: ١٧] وبقوله: ﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين﴾