وقرئ "يصدر" أي يردون مواشيهم. قوله: ﴿يؤمئذٍ يصدر الناس أشتاتًا﴾ [الزلزلة: ٦] أي يرجعون؛ يقال: صدر عن كذا: رجع عنه، وصدر إلى كذا: صار إليه. والوارد: الجائي. والصادر: المنصرف. قوله تعالى: ﴿رب اشرح لي صدري﴾ [طه: ٥] لصدر: الجارحة، ثم استعير لمقدم الشيء كصدر القناة وصدر المجلس والكتاب والكلام. وصدره: أصاب صدره، نحو كبده، أو قصد قصده. ورجل مصدور: يشتكي صدره. والصدار: ثوب يغطي الصدر وذلك على بناء دثارٍ ولباس، ويقال له أيضًا الصدرة. فقوله تعالى: ﴿لكن تعمي القلوب التي في الصدور﴾ [الحج: ٤٦] إشارة إلى هذه الجوارح. قال بعض الحكماء: حيثما ذكر الله القلب فإشارة إلى العلم والعقل، نحو: ﴿إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب﴾ [ق: ٣٧] وحيثما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك، وإلى سائر القوى من الشهوة والهوى والغضب.
وقوله: ﴿رب اشرح لي صدري﴾ سؤال لإصلاح قواه. وكذا قوله: ﴿ويشف صدور قوم مؤمنين﴾ [التوبة: ١٤]. إشارة إلى اشتفائهم، من قوله: ﴿فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور﴾ [الحج: ٤٦] أي العقول فيما بين سائر القوى، وليس بمهتدية.
ص د ع:
قوله تعالى: ﴿فاصدع بما تؤمر﴾ [الحجر: ٩٤] أي شق قلب من تأمره، يشير إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر صعب يكاد يشق، وقيل: شق جماعاتهم بالتوحيد. وقيل: اجهر بالقرآن. وقيل: أظهر. وقيل: احكم بالحق، واقصد بالأمر. وكلها متقاربة. وقال ابن عرفة: أراد فرق بين الحق والباطل. يقال: تصدع القوم إذا تفرقوا. وعن ثعلب قال: قال أعرابي يحضر مجلس أبي عبد الله -وكان أبو عبد الله ربما يأخذ عنه-: "فاصدع بما تؤمر" أي اقصد. والعرب تقول: صدعت فلانًا: قصدته. وأصل الصدع الشق في الأجسام الصلبة. يقال: انصدع الحديد والزجاج، صدعته فانصدع، وصدعته فتصدع. وعنه استعير: صدع الأمر أي فصله. ومنه استعير الصداع: وهو شبه الاشتقاق في