روي أن المصلين كثير وأن المقيمين لها قليل. وقوله تعالى: ﴿الذين هم عن صلاتهم ساهون﴾ [الماعون: ٥] أي غافلون عن استحضارها وإن كانوا فيها؛ فكم من مصل قلبه في معاشه وأذى الناس. وفي التفسير: ما تركوها وإنما أخروها عن وقتها. وكذا قوله: ﴿أضاعوا الصلاة﴾ [مريم: ٥٩] ﴿ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى﴾ [التوبة: ٥٤] تنبيهًا أن فعلهم لها بتكلفٍ لا عن طواعيةٍ وذلك لما كانوا يصلونه تقيةً واتقاءً لأنفسهم وذراريهم وأموالهم كفعل كثيرٍ من الناس إن فعلوا. قيل: ولم يقل المصلين إلا في المفرطين والمنافقين كقوله: ﴿فويل للمصلين﴾ [الماعون: ٤] ﴿لم نك من المصلين﴾ [المدثر: ٤٣] أي من الذين صلوا إخلاصًا لا نفاقًا. وقيل: من أتباع الأنبياء.
قوله: ﴿فلا صدق ولا صلى﴾ [القيامة: ٣١] تنبيه أنه لم يكن ممن يصلي، أي يأتي بهيئتها فضلاً عن إقامته لها. قوله: ﴿وقد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون﴾ [المؤمنون: ٢]. ثم قال: ﴿على صلاتهم يحافظون﴾ [المعارج: ٣٤] ذكرهما بوصفين أحدهما أشرف من الآخر، وهو مخ العبادة الذي هو الخشوع، حتى جعله بعضهم شرطًا في صحتها. ورأى عليه الصلاة والسلام رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة فقال: "لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه". ثم وصفهم بالمحافظة عليها ويدخل تحته أشياء كثيرة بيانها في غير هذا. قوله: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصدية﴾ [الأنفال: ٣٥] تنبيه على إبطال صلاتهم، وأن فعلهم ذلك لا اعتداد به، بل هم في ذلك كطيورٍ تمكو وتصدي. وقيل: لم يصلوا البتة وإنما جعلوا ذلك بدل صلاتهم كقوله: [من الوافر]
٨٩٦ - تحية بينهم ضرب وجيع