عرفتموها بالسماع لا كما يتوهمه الأغتام ومن لا فهم له. وقيل: أراد بالصورة ما خص به الإنسان من الهيئة المدركة بالبصر والبصيرة، وبها فضله علي كثير من خلقه. قيل: وإضافته إليه علي سبيل الملك لا علي سبيل البعضية والتشبيه بل علي سبيل التشريف، كقوله تعالي: ﴿ناقة الله﴾ [الشمس: ١٣] وبيت الله.
قوله تعالي: ﴿فصرهن إليك﴾ [البقرة: ٢٦٠] بضم الصاد وكسرها فقيل: لغتان بمعني أملهن، يقال: صاره يصيره ويصوره: إذا أماله. وقال الأزهري: من ضم أراد أملهن، يقال: صور يصور: إذا مال: ومن قرأ بالكسر فيحتمل ما تقدم، وهو لغة فيه.
وقيل: بمعني قطعهن، فإن الأصل فيه صريت أصري أي قطعت، فقلبت. وقيل: أصرت أصير كما يقال: عنيت أعني وغثيت أغيث، وغثثت أغثي. قلت: وفي حكايته صور يصور نظرٌ من حيث إن مثله يجب إعلاله فيقال: صار يصار مثل خاف يخاف، إلا أن يكون السماع كذلك فيحفظ ولا يقاس عليه. ويكون مثل قولهم: أغيمت وأغيلت.
وقيل: من ضم أراد: قطعهن صورةٌ صورةً. وقال بعضهم: (صرهن) أي صح بهن.
وحكي الخليل أنه يقال: عصفورٌ صوارٌ وهو المجيب إذا دعي. وقرئ (فصرهن) بضم الفاء وتشديد العين، من الصروهو الشد. وقرئ كذلك لكنه بكسر الفاء من الصرير وهو الصوت، ومعناه: صح بهن. وفي الحرف كلامٌ أكثر من هذا، ذكرته في ((الدر)) وغيره.
ولا شك أن المادة تدل علي القطع والانفصال ومنه الصوار: قطيع البقر، والجمع صيرانٌ.
ومنه قول امرئ القيس: [من الطويل].

٩٠٥ - تري بعر الصيران في عرصاتها وقيعانها كأنه حب فلفل.
وذلك نحو الصرمة والقطعة والفرقة وسائر أسماء الجماعة المعتبر فيها معني القطع وقال أبو عبيدة: صرهن- بالضم-: قطعهن. واحتج بقول الخنساء: [من البسيط].
٩٠٦ - لظلت الشهب منها وهي تنصار.


الصفحة التالية
Icon