يعطلا عن معاشهما حسبما بينا ذلك بيانًا شافيًا في ((القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز)) وحسبما أيضًا بينا القراءات الواردة في ذلك، الشاهدة بكلتا القراءتين في ((الدر)) وغيره. قوله: ﴿لا تضار والدةٌ بولدها﴾ [البقرة: ٢٣٣] هو كالذي قبله في احتمال الوجهين قد بينا الحكمين والقراءات أيضًا في الكتابين المشار إليهما. وقرئ هنا برفع الراء وهو خبرٌ في معني النهي، وبفتحها علي صراحة النهي.
والضرير: غلب علي فاقد البصر، فعيل بمعني مفعول. والضرير أيضًا شاطئ والوادي تخيلًا أن الماء قد ضره. والضرير أيضًا: الضار. والضرة: غلبت علي المرأة المصاحبة لزوجةٍ أخري. وأصلها الفعلة من الضر تخيلًا أنها نفس الضرر الحاصل لصاحبتها منها. وبهذا النظر قال عليه الصلاة والسلام: ((لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفي ما في صحفتها)). والمتزوج بالضرة يقال له الضرار. وضرارٌ أيضًا علمٌ برجلٍ مشهورٍ وهو ضرار بن الأزور. ويقال: زوجٌ مضرٌ، أي ذو زوجين، قال: وامرأةٌ مضرٌ بغير تاء، أي لها ضرة من آخر صار ذا ضرة. قوله: ﴿فمن اضطر﴾ [البقرة: ١٧٣] أي ألجئ، افتعالٌ من الضر، فقلبت التاء طاء لوقوعها بعد حرف الإطباق. وقيل: هو حمل الإنسان علي ما يضره. وقيل: هو في العرف الحمل علي ما يكره، وذلك علي ضربين: أحدهما اضطرابٌ بسببٍ خارجٍ، كمن يضرب أو يهدد حتى ينقاد أو يؤخذ قهرًا، فيحمل علي ما يكرهه. وعليه قوله تعالي: ﴿ثم أضطره إلي عذاب النار﴾ [البقرة: ١٢٦]، والثاني بسبب داخل، وذلك إما بقهر قوةٍ لا يناله بدفعها هلاكٌ، كمن غلب عليه شهوة خمر أو قمار، وأما بقهر قوةٍ يناله بدفعها هلاك، كمن اشتد به الجوع، فاضطر إلي أكل ميتةٍ ونحوها.
وقوله: ﴿فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ﴾ [البقرة: ١٧٣] أي باغٍ ما حد له ولا عاد في زيادته علي سد رمقه أو شبعه، حسبما بينا ذلك في ((القول الوجيز)). قوله: ﴿أمن يجيب المضطر إذا دعاه﴾ [النمل: ٦٢] هو عام في كل أنواع الاضطرار. وقولهم:


الصفحة التالية
Icon