وهذه القوة في الإنسان فعلٌ إلهيٌ، قال الراغب: وإذا كان كذلك، وقد ذكر في غير هذا الموضع أن كل شيءٍ يكون سببًا في وقوع فعل تصح نسبة ذلك الفعل إليه.
فيصح أن ينسب ضلال العبد إلي الله من هذا الوجه فيقال: أضله الله، لا علي الوجه الذي يتصوره الجهلة. قال: ولما قلناه جعل الإضلال المنسوب إلي نفسه للكافر والفاسق دون المؤمن بل نفي عن نفسه إضلال المؤمن فقال تعالي: ﴿وما كان الله ليضل قومًا بعد إذ هداهم﴾ [التوبة: ١١٥] ﴿والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم﴾ [محمد: ٤] وقال في الكافر والفاسق: ﴿والذين كفروا فتعسًا لهم وأضل أعمالهم﴾ [محمد: ٨] ﴿وما يضل به إلا الفاسقين﴾ [البقرة: ٢٦]. قال وعلي هذا النحو تقليب الأفئدة والأبصار في قوله: ﴿ونقلب أفئدتهم وأبصارهم﴾ [الأنعام: ١١٠].
والختم علي القلب في قوله تعالي: ﴿ختم الله علي قلوبهم﴾ [البقرة: ٧] وزيادة المرض في قوله: ﴿فزادهم الله مرضًا﴾ [البقرة: ١٠].
قلت: مذهبه في ذلك مذهبٌ معتزليٌ، والحق أنه يجوز نسبة ذلك إلي الله حقيقة بمعني أنه خلق الإضلال في قلبه كما خلق الهداية في قلب قومٍ آخرين: ﴿لا يسأل عما يفعل وهم يسألون﴾ [الأنبياء: ٢٣]. قوله: ﴿ربنا ليضلوا عن سبيلك﴾ [يونس: ٨٨] قيل: اللام للعاقبة كقوله: ﴿فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًا وحزنًا﴾ [القصص: ٨] وقول الشاعر: [من المتقارب].
٩٢٤ - وللموت ما تلد الوالدات.
وقول الآخر: [من الوافر].


الصفحة التالية
Icon