الحديث: ((نعوذ بالله من طمع يهدي إلى طبع)). وعن مجاهد: الرين أيسر من الطبع والطبع أيسر من الإقفال، والإقفال أشد من ذلك كله، إلا أن الهروي قال: وكان الصدر الأول يرون الطبع هو الرين. قلت: يرون موافقة قوله تعالى: ﴿بل ران على قلوبهم﴾ [المطففين: ١٤] ﴿أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم﴾ [المائدة: ٤١]. وكان المعنى أن الله جعل عليها صدأ كصدإ الحديد ووسخًا كوسخ الثوب منع بصيرتها من إبصار الهدى، ولله تعالى أن يفعل ما يشاء ويحكم في عباده بما يريد.
ط ب ق:
قوله تعالى: ﴿لتركبن طبقا عن طبق﴾ [الانشقاق: ١٩] أي حالا بعد حال. والمعنى: يترقى منزلا عن منزل، وذلك إشارة إلى أحوال الإنسان من ترقيه في أحوال كثيرة في الدنيا الآخرة. أما في الدنيا فالإشارة إليها بقوله تعالى: ﴿خلقكم من تراب ثم من نطفة﴾ [غافر: ٦٧] إلى بلوغ الأشد وإناطة التكليف. وأما في الآخرة فالموت والإحياء للبعث، والبعث والنشور والحساب ومقاساة الأهوال وجواز الصراط وحضور الميزان إلى حين الاستقرار في إحدى الدارين.
قيل: سميت الحال طبقا لأنها تملأ القلوب أو تشارف ذلك، ومنه الحديث: ((اللهم اسقنا غيثًا طبقًا)) أي تملأ الأرض مطرًا. وكل شيء علا شيئًا فهو طبق للأسفل. وقيل: المعنى لتركبن السماء حالا بعد حال كالمُهل، وفي حال كالفراش، وفي حال كالدهان وفيه نظر لأنه قُرئ ((لتركبن)) بفتح الباء وضمها على خطاب الواحد والجماعة. وفُسرت قراءة الفتح بأنها خطاب لرسوله عليه الصلاة والسلام وأنه وعده بالإسراء أو بترقيه إلى المراتب العلية، وكل قد وقع. وقال ابن عرفة: الطبق: العالم، ومنه قول العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: ((إذا مضى عالم بدا طبق)) أي إذا ذهب قرن جاء آخر، سموا طبقًا لأنهم طبقوا الأرض. وفي حديث أم زرع: ((زوجي عياياء طباقاء)) أي أطبق عليه الحمق، وأطبق عنه الكلام أو أموره. قوله: ﴿سبع سماوات طباقًا﴾ [الملك: ٣] أي متطابقة بعضها فوق بعض، وكل منها طبق لما تحته.