ولأنه يقال: طاهر مثل قائمة وقائم. ثم الطهارة ضربان: طهارة جسم وطهارة نفس، قال الراغب: وقد حمل عليه عامة الآيات. قلت: الظاهر من الآيات الواردة في ذلك إنما هي في طهارة الجسم لأن ذلك يتعبد به ظاهرًا.
والطهارة شرعًا: رفع حدث وإزالة نجس، أو ما في معنى ذلك كالاستنجاء بغير الماء والتيمم، وعليه قوله تعالى: ﴿وإن كنتم جنبًا فاطهروا﴾ [المائدة: ٦] أي بالماء أو ما يقوم مقامه من التراب، كما نصت الآية بعدها عليه. قوله: ﴿ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن﴾ [البقرة: ٢٢٢] فإذا انقطع دمهن أيضًا. وقد قرئ: ﴿حتى يطهرن﴾ بالتشديد. وقد أوضحنا مذاهب الناس في هذه المسألة في ((القول الوجيز)). وذكرنا استدلال كل طريق وما يرد عليه وما يجاب عنه والحمد لله. قوله: ﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين﴾ [البقرة: ٢٢٢] أي المزيلين للنجاسات، المتحرين في الطهارات لأن الطهارة أس العبادة. وقيل: التاركين للذنب، العاملين للصلاح.
قوله: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين﴾ [التوبة: ١٠٨] قيل: نزلت في أهل قباء، وقد سألهم عليه الصلاة والسلام عن ذلك، فقالوا: ((لأنا نتبع الحجر الماء)) أي إذا استنجوا جمعوا بين الماء والحجر وهو الأفضل، ولابد من تقديم الحجر، وإلا فلا فائدة. وقيل: عنى تطهير النفس. قوله: ﴿ومطهرك من الذين كفروا﴾ [آل عمران: ٥٥] أي مخرجك من زمرتهم، وأنزهك أن تفعل فعلهم. قوله: ﴿لا يمسه إلا المطهرون﴾ [الواقعة: ٧٩] قيل: من كان على الطهارتين الكبرى والصغرى وقيل: عنى الملائكة. وقيل: معناه لا يبلغ حقائقه ومعرفته إلا من يطهر نفسه وينقى من درن