عليها في رحم أمه، وفي الحديث: "كل مولودٍ يولد على الفطرة" قال ابن المبارك: أي على ابتداء الخلقة في علم الله مؤمنًا كان أو كافرًا. قال أبو الهيثم: يعني على الخلقة التي فطر عليها في الرحم من سعادة وشقاوة "فأبواه يهودانه أو ينصرانه" في حكم الدنيا. وقال الراغب: وفطر الله الخلق: وهو إيجاده الشيء وإبداعه على هيئةٍ مترشحةٍ لفعلٍ من الأفعال. وقوله تعالى: ﴿فطرة الله التي فطر الناس عليها﴾ إشارة منه تعالى إلى ما فطر أي أبدع وركز في الناس من معرفته تعالى. ففطرة الله تعالى هي ما ركز فيه من قوته على معرفة الإيمان، وهو المشار إليه بقوله: ﴿ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله﴾ [الزخرف: ٨٧]
قوله: ﴿والذي فطرنا﴾ [طه: ٧٢] أي أبدعنا وأوجدنا. ويصح أن يكون الانفطار في قوله: ﴿السماء منفطر به﴾ إشارة إلى قبول ما أبدعه وأفاضه علينا منه.
والفطر: ترك الصوم؛ يقال: فطرته، وأفطر هو. وقيل للكمأة فطر لأنه يفطر الأرض أي يخرج منها. وقيل: فطر الصائم وإفطاره: شقه صومه بالفطور. ويقال: أفطر الصائم إذا تعاطي ما يفطره. وأفطر: دخل في وقت الإفطار، نحو: أصبح، ومنه الحديث: "إذا غربت الشمس فقد أفطر الصائم" أي جاز له أن يفطر وحل له بعد أن كان محظورًا عليه.
والفطر: المذي أيضًا. وفي الحديث أنه سئل عن المذي فقال: "ذاك الفطر" قال أبو عبيد: سمي فطرًا لأنه شبه بالفطر في الحلب. يقال: فطرت الناقة أفطرها. ورواه غير أبي عبيدٍ كالنضر بن شميل الفطر، بالضم.
وقوله: ﴿فطر السماوات والأرض﴾ [الأنعام: ٧٩] أي فتقهما من بعد أن كانتا ملتصقتين، إشارة إلى قوله: ﴿كانتا رتقًا فقتقناهما﴾ [الأنبياء: ٣٠] وقوله: ﴿هل ترى من فطور﴾ [الملك: ٣٠] أي من خللٍ بحصول شقوقٍ فيها وارتفاعٍ وانخفاضٍ، فليس بين