ق ب ر:
قوله تعالى: ﴿ثم أماته فأقبره﴾ [عبس: ٢١ ي أي جعل له مكانًا يقبر فيه، نحو أسقيته: أي جعلت له ما يسقى منه. وقيل: معناه ألهمه كيف يدفن، وذلك نحو بعثه الغراب باحثًا ودافنًا لآخر مثله ليعلم بني آدم ذلك، وسائر الحيوان غير الآدمي يلقى على وجه الأرض.
يقال: قبرته أي دفنته في اللحد، وأقبرته: أي جعلت له قبرًا. والقبر: مستقر الميت ومصدر قبرته أيضًا. والمقبرة والمقبرة والمقبرة، مثلثة العين: موضع القبور وجمعها مقابر، كقوله تعالى: ﴿حتى زرتم المقابر﴾ [التكاثر: ٢] ومعناه حتى أدرككم الموت وأنتم على حالة الغفلة. وقيل: تفاخروا حتى ذكروا أسلافهم وصنائعهم وما كانوا عليه من فعل الميسر وإطعام المحتاج وفك العناة وغير ذلك.
وقوله: ﴿أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور﴾ [العاديات: ٩] إشارة إلى البعث والنشور، وذلك بأن يقوم الناس من قبورهم فتبعثر قبورهم التي كانوا فيها، كل منهم ينفض التراب عن رأسه. وقيل: ذلك كناية عن كشفه السرائر، وذلك أن أحوال الناس ما داموا في الدنيا مستورة عليهم كأنها مقبورة، فإذا بعثوا ظهرت المخبآت وبانت الفضائح. نسأل الله الباعث الوارث أن يستر علينا في الآخرة ما ستر في الدنيا. وقيل: ذلك كناية عن إزالة الجهالة بالموت، وكأن الكافر والجاهل ما داما في الدنيا مقبورين فإذا ماتا تيقنا الحق وظهر لهما ما كان مستورًا عنهما. فجعل القبور كنايةً عن ذلك، وذلك بحسب ما روي: "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا". وإلى هذا المعنى أشار تعالى بقوله: ﴿وما أنت بمسمعٍ من في القبور﴾ [فاطر: ٢٢ ي أي الذين هم في حكم الأموات. وفي حديث ابن عباس "أن الدجال ولد مقبورً" قال ثعلب: المعنى أنها وضعته وعليه جلدة مصمتة ليس فيها نقب. فقالت قابلته: هذه سلعة وليست ولدًا. فقالت أمه: بل فيها ولد، فشقوها، فاستهل صارخًا.