ويحكى أن الحجاج الخبيث قال لسعيد بن جبير في حكاية طويلة: ما تقول في؟ فقال: أقول إنك قاسط عادل. فأعجب الحاضرين، فقال الحجاج: ما أبلدكم! جعلني كافرًا جائرًا، وتلا قوله: ﴿وأما القاسطون فكان لجهنم حطبًا﴾ ﴿ثم الذين كفروا بربهم يعدلون﴾ [الأنعام: ١].
قوله: ﴿ونضع الموازين القسط﴾ [الأنبياء: ٤٧] أي ذوات القسط، أو جعلها نفس القسط مبالغة. و ﴿القسطاس﴾ [الإسراء: ٣٥] قيل: هو القسط فزيد فيه وجعل اسمًا للمزادة لأن به يحصل العدل. وفي قاف القسطاس لغتان: ضمها وكسرها، وقرئ بهما في السبع. وقيل: هو رومي فعرب.
والقسط- أيضًا- الإناء الذي يتوضأ منه، قيل: هو نصف طاع، وفي الحديث، ((إن النساء من أسفه السفهاء إلا صاحبة القسط والسراج)) قيل: أراد إلا التي بأن تقدم له وضوءه وتقوم على رأسه بالسراج تضيء عليه به.
ق س م:
قوله تعالى: ﴿وأن تستقيموا بالأزلام﴾ [المائدة: ٣] أي وحرم عليكم استقسامكم بالقداح، وقد مر تفسيرها. والمعنى طلب معرفة ما قسم للإنسان من خير أو شر، نفع أو ضر، حياة أو موت، ظفر أو خذلان، كما كانت الجاهلية وأكثر الجهلة يفعلونه. وقال أبو سعيد الضرير: يقال تركت فلانًا يستقسم أي يفكر، ويروي بين أمرين. قوله تعالى: ﴿كما أنزلنا على المقتسمين﴾ [الحجر: ٩]. قال ابن عرفة: هم الذين تقاسموا وتحالفوا على كيد الرسول صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس: هم اليهود والنصارى. قيل: واستعمال القسم بمعنى الحلف أصله من القسامة، وهي أيمان تقسم على أولياء المقتول، ثم صار اسمًا لكل حلف.
قوله: ﴿فالمقسمات أمرًا﴾ [الذاريات: ٤] يعني الملائكة لأنها تقسم أي تفرق أمور العالم من الأرزاق والآجال والسعادة والشقاء. قوله: ﴿وقاسمهما﴾ [الأعراف: ٢١] أي حلف لهما. فالمفاعلة بمعنى الفعل. وقيل: حلف لهما أنه لهما من