عن ابن عباس أن الضمير في «ظنوا» للكفرة وفي أنهم «كذبوا» للرسل؛ أي ظن قوم الرسل أن الرسل كذبوا فيما وعدوا به من نصرهم عليهم بإمهال الله تعالى إياهم، وقيل: الضمائر كلها للقوم، أي أن الرسل وعدتهم العذاب إن لم يؤمنوا. فلما طال الأمر عليهم بالإمهال لا بالإهمال ظنوا أنهم قد كذبوا فيما وعدتهم به الرسل من العذاب، ولذلك كانوا يستعجلون به كما قال تعالى: ﴿فلا تستعجلون﴾ [الأنبياء: ٣٧] أي بالعذاب، وهذا شأن المتمردين المغترين بحلم الله عليهم. فنسأل الله تعالى ألا يجعلنا ممن يملى لهم ويستدرجهم من حيث لا يعلمون. وقد تكلمت في هذه الآية كلامًا مشبعًا في «الدر» و «العقد» و «التفسير الكبير» بما يليق بكل منها، وهذا القدر هنا كافٍ.
قوله: ﴿لا يسمعون فيها لغوًا ولا كذابًا﴾ [النبأ: ٣٥] قرئ بالتشديد بمعنى التكذيب، والمعنى: لا يكذبون فيكذب بعضهم بعضًا، ونفي التكذيب عن الجنة يقتضي نفي الكذب عنها، قال الراغب، وهو صحيحٌ في هذه المادة التي نحن فيها، وأما في غيرها فلو قيل: لاتكذيب في الدار، لا يلزم منه نفي الكذب من أصله. وقال الهروي في قوله: ﴿وكذبوا بآيتنا كذابًا﴾ [النبأ: ٢٨]، وقرئ مخففًا. قال: وفعالٌ في مصدر فعل أكثر من فعل يعني أن مصدر فعل مشددًا على فعالٍ مشددًا أكثر منه على فعالٍ مخففًا، وفيه نظرٌ من وجهين: أحدهما أنه لم يقرأ بذلك إلا في قوله «ولا كذابًا». والثاني: أن فعلًا مخففًا ليس مصدر الفعل المشدد.
قوله: ﴿بدمٍ كذبٍ﴾ [يوسف: ١٨] أي ذي كذب، أي مكذوب فيه، أو جعل نفس الدم كذبًا مبالغةً. نحو: رجلٌ عدلٌ وصومٌ، وتقدم أنه قرئ بالدال المهملة.
قوله: ﴿ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ﴾ [العلق: ١٦] أي كاذبٍ صاحبها خاطئٌ، فنسب