عليكم الحج جملةً برأسها، إما اسمية من مبتدأ وخبر إذا رفعنا الحج ويفيد فائدة الإغراء، لأن معنى عليكم الحج، أي واجبٌ عليكم الحج، ومعنى الزموا الحج واحدٌ ولهذا خرج بعضهم قوله عليه الصلاة والسلام: «وإلا فعليه بالصوم» أن الباء مزيدةٌ في المبتدأ. وقد مر إغراء الغائب، والمعنى مع ذلك موجودٌ وهو وجوب الصوم عليه إن خاف العنت. ومن جعله إغراء فهم الإغراء من لفظ «الكذب». والظاهر أنه مفهومٌ من لفظ «عليك». وجيء بـ «كذب» لما ذكرته أولًا عن فهم كلام الفراء؛ فقد تلخص من كلامهم أنه ينطبق بما بعد «عليك» من هذا التركيب بالرفع والنصب؛ فالرفع على الفاعلية بـ «كذب» أو بالابتداء، و «عليك» خبره كما مر تفسيره. وإما النصب فعلى الإغراء، والعامل فيه «عليك»، و «كذب» ردٌ لكلام متقدمٍ، والله أعلم.
وكذب يتعدى لاثنين، لأحدهما بنفسه، وللثاني بحرف الجر، فيقال: كذبته الحديث وفي الحديث، نحو: صدقته الحديث وفي الحديث.
ويقال: رجلٌ كذابٌ وكذوبٌ وكذبذبٌ وكذيذبٌ وكيذبانٌ، كل ذلك للمبالغة في كذبه. ويقال: حمل فلانٌ على قرنه فكذب، كما يقال في ضده: صدق. ويقال: كذبته نفسه: إذا خاب ظنه، ومنه قول الشاعر: [من الوافر]

١٣٣٠ - وقد كذبتك نفسك فأكذبيها فإن جزعًا وإن إجمال صبر
وكذب لبن الناقة: إذا ظن أنه يدوم مدةً فلم يدم.

فصل الكاف والراء


ك ر ب:
قوله تعالى: ﴿فنجيناه وأهله من الكرب العظيم﴾ [الأنبياء: ٧٦] الكرب: الغم الشديد. والكربة: الغمة الشديدة. قيل: وأصل ذلك من كرب الأرض: أي حفرها وقلبها بالحفر، فكأن الغم يثير النفس إثارة ذلك. وقيل: أصله من قلب الأرض بالكراب، أي


الصفحة التالية
Icon