عند الإفراط فيه ومن الحرص عليه والشح به على مستحقيه. وقيل: أكرم عما في الدنيا من الانقطاع والتنغيص والفساد.
قوله: ﴿إني ألقي إلى كتابٌ كريمٌ﴾ [النمل: ٢٧]. قيل: مختومٌ، وكرم الكتاب ختمه، وقيل: كرمه كونه من عند كريمٍ. وقيل: لبداءته فيه بسم الله الرحمن الرحيم، وكأن قولها: ﴿إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم﴾ [النمل: ٣٠] تفسيرٌ لكرمه أو جوابٌ لمن قال: وما وجه كرمه؟ أو تعليلٌ لقولها المشير للدعوى. والظاهر عندي أن قولها: ﴿إنه من سليمان﴾ إلى آخره تفسيرٌ لنفس «كتابٍ» لا لكرمه بدليل قولها: ﴿ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين﴾ [النمل: ٣١] فهو أن لنا من كرمه بل من مقتضاه ومضمونه، ويؤيد ما قلته أن قوله: ﴿إنه من سليمان﴾ كان عنوانه، ومن ثم عنونت الكتب. وقوله: «وإنه بسم الله الرحمن الرحيم» إلى آخره مضمونه، كذا جاء في التفسير.
وكرام الخيل والطير: عتاقهما. والكريم -أيضًا - من كان أبواه شريفين، والمعرف بضده، وأنشد: [من الرمل]
١٣٣٩ - كم بجودٍ مقرفٍ نال العلى... وكريم بخله قد وضعه
يعني أن الكرم قد يرفع الدنيء ويحط الشريف؛ فالكرم هنا ليس هو المتعارف بين الناس، وما أطبع ما جاء في قوله: «وكريم بخله» فإنه كالمتنافي في العرف العام.
وفي الحديث: «لا تسموا العنب كرمًا إنما الكرم الرجل المسلم» قال أبو بكر محمد بن القاسم في تفسير ذلك: إنما سمي الكرم كرمًا لأن الخمرة المتخذة من تحث على السخاء والكرم، فاشتقوا اسم الكرم من الكرم الذي يتولد منه. قلت: ومن ذلك قول حسان: [من الوافر]
١٣٤٠ - ونشربها فتتركنا ملوكًا... وأسدًا ما ينهنهنا اللقاء
وقال آخر: [من مجزوء الكامل]