قوله: ﴿وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلا وحيًا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولًا فيوحي بإذنه ما يشاء﴾ [الشورى: ٥١]. اعلم أن كلام الله البشر على ضربين: أحدهما في الدنيا وهو ما نبه عليه بقوله: ﴿وما كان لبشرٍ﴾ الآية، والثاني في الآخرة يكلمهم بما فيه غاية السعادة، وهو قوله كما أخبر عنه الصادق: «اليوم أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا». قال بعضهم: كلامه لهم في الآخرة ثوابه للمؤمنين وكرامةٌ لهم تخفى عليهم كيفيته. ونبه تعالى أنه يحرم ذلك على الكفار بقوله: ﴿ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم﴾ [آل عمران: ٧٧].
قوله: ﴿لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي﴾ [الكهف: ١٠٩] أي علمه.
قوله: ﴿تعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ﴾ [آل عمران: ٦٤] هي مفسرةٌ بقوله: ﴿ألا نعبد إلا الله﴾ [آل عمران: ٦٤] الآية. وكل ما دعا الله الناس إليه فهو كلمةٌ.
قوله: ﴿وصدقت بكلمات ربها وكتبه﴾ [التحريم: ١٢] قيل: عنى بها عيسى، وفيه نظرٌ من حيث الجمع. وفي الحديث: «أعوذ بكلمات الله التامات»، عنى بها القرآن. وفيه: «واستحللتم فروجهن بكلمة الله» قيل: أراد قوله سبحانه: ﴿فإمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩].
وأصل اشتقاق الكلام من الكلم وهو التأثير، ومنه قيل للجرح كلمٌ لتأثيره في الجلد. وقد قرئ: ﴿تَكْلمُهم﴾ و ﴿تُكلِّمُهم﴾ [النمل: ٨٢] أي تسمهم، أي تخيل منه التأثير المعنوي، فقيل: جرحه بلسانه: إذا كلمه بكلامٍ أثر فيه؛ قال امرؤ القيس: [من المتقارب]
١٣٦٧ - وجرح اللسان كجرح اليد


الصفحة التالية
Icon