قيل: يعني بعرضها سعتها لا من حيث المساحة لكن من حيث المسرة، كما يقال في ضده: الدنيا على فلانٍ حلقة خاتمٍ وكفة حابلٍ. وسعة هذه الدار كسعة الدنيا. وقيل: العرض ها هنا من العرض على البيع كقولهم: بيع كذا بعرضٍ: إذا بيع بسلعةٍ فمعناه عرضها أي بدلها وعوضها كقولك: عرض هذا الثوب كذا وكذا. والعرض - بالتحريك - ضد الجوهر، وهو ما لا يكون له ثبات ولا استقرار. ومنه استعار أهل الكلام العرض لما لا يقوم بنفسه بل بجوهرٍ كاللون. وقولهم: الدنيا عرض حاضر، أي لا ثبات لها ومنه قوله تعالى:} تريدون عرض الدنيا ﴿[الأنفال: ٦٧] وقوله:﴾ لو كان عرضًا قريبًا ﴿[التوبة: ٤٣] أي مطلبًا سهلاً.
والتعريض: ما احتمل من الكلام وجهين فصاعدًا وهو الذي تسميه الأدباء الكلام الموجه. وفي الحديث: "إن في المعاريض مندوحًة عن الكذب" والتعريض: ضد التصريح. ومنه قوله تعالى:﴾ فيما عرضتم به من خطبة النساء ﴿[النساء: ٢٣٥] هو أن يقول: أنت جميلة ورب راغبٍ فيك وإذا حللت فآذنيني، ونحو ذلك. والتصريح أن تقول: أريد أن أتزوجك، ونحو ذلك. قوله تعالى:﴾ ثم عرضهم على الملائكة ﴿[البقرة: ٣١] أي أتى بهم لهم وأعتدهم ووقفهم عليهم، من قولك: عرض الأمير الجند ليتعرفهم بخلاقهم وأسمائهم. والعارض: البادي عرضه؛ فتارًة تختص بالسحاب كقوله تعالى:﴾ هذا عارض ممطر ﴿[الأحقاف: ٢٤] أي سحاب قد عرض في الأفق. قال الشاعر: [من المنسرح]
وقوله تعالى:﴾ وعرضنا جهنم ﴿[الكهف: ١٠] أي أبرزناها وجهلناها بحيث يرونها. ومثله:﴾ ويوم يعرض الذين كفروا على النار ﴿[الأحقاف: ٢٠] من ذلك وقيل: هو مقلوب، والأصل: تعرض النار عليهم. ومنه قولهم: عرضت الناقة على الحوض. قوله:﴾ وأنتم معرضون [[البقرة: ٨٣] أي مولون، وأصله: من ولى في عرضه أي ناحيته
١٠١٠ - يا من رأى عارضًا أكفكفه بين ذراعي وجبهة الأسد