على الحقيقة لا يكون إلا لله تعالى. والثاني: أن يكون ذلك بالقول، وذلك مستقبحٌ فيما بين الناس عند كفران النعمة، ولذلك قيل: المنة تهدم الصنيعة وتوجب القطيعة.
ويحسن ذكرها عند الكفران، ومن ثم قيل: ((إذا كفرت النعمة حسنت المنة)).
قوله تعالى: ﴿لهم أجرٌ غير ممنونٍ﴾ [فصلت: ٨] أي غير مقطوعٍ، من منه أي قطعه، قيل: غير معتدٍ به، كما قيل: ﴿بغير حسابٍ﴾. وقيل: غير منقوصٍ، ومنه: المنون للمنية لأنها تنقص العدد وتقصر المدد. وقيل: إن المنية بالقول من هذا المعنى أيضًا لأنها تقطع الثواب وتقتضي قطع الشكر. وحبلٌ منينٌ، أي مقطوعٌ. وقيل: ﴿غير ممنون﴾ [فصلت: ٨] غير محسوبٍ، كقوله تعالى: ﴿يرزقون فيها بغير حساب﴾ [غافر: ٤٠].
وقال الهروي: وقيل: لا يمن عليهم بالثواب الذي استوجبوه. وهذا يشبه قول المعتزلة، ويجوز أن يكون ذلك بالنسبة إلى الوعد، فإن الله تعالى لا يخلف وعده.
قوله تعالى: ﴿وأنزلنا عليكم المن والسلوى﴾ ﴿البقرة: ٥٧] قيل: هو الترنجبين، وقيل: هو صمغةٌ حلوةٌ تنزل على الشجرة، وقيل: هو شيءٌ كالطل فيه حلاوةٌ يسقط على الشجر، وقيل: المن والسلوى إشارةٌ إلى ما أنعم الله به عليهم، وهما شيءٌ واحدٌ، سماه منًا من حيث أنه امتن به عليهم، وسماه سلوى من حيث أنه كان لهم به التسلي.
والمن: ما يوزن به، وهو رطلان بغداديان، ويجوز إبدال نونه الأخيرة حرف علةٍ فيقال: منًا. وجمعه أمناء.
قوله تعالى: {فإما منًا بعد﴾ [محمد: ٤] المن: الإطلاق بلا فداءٍ.
قوله: ﴿فامنن أو امسك﴾ [ص: ٣٩] أي انفقٍ أو لا تنفق. وسمي الإنفاق منًا لأنه عطاءٌ والعطاء سبب المن.
قوله: ﴿ولا تمنن تستكثر﴾ [المدثر: ٦] قيل: هو المنة بالقول، وذلك أن يمنن به ويستكثر.