فصل النون والظاء


ن ظ ر:
قوله تعالى: ﴿ثم نظر﴾ [المدثر: ٢١] النظر في الأصل تقليب البصر وتوجيهه إلى جهة المنظور، فهو بمعنى الرؤية. ثم يستعمل في تقليب البصيرة، فيكون بمعنى التفكر. قال بعضهم: هو تقلب البصر أو البصيرة لإدراك الشيء ورؤيته. وقد يراد به التأمل والفحص. وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص.
وقوله تعالى: ﴿انظروا ماذا في السماوات﴾ [يونس: ١٠١] أي تأملوا. وقال بعضهم: إذا عدي بنفسه كان بمعنى الرؤية، وإذا عدي بإلى كان بمعنى الميل، وإذا عدي بفي كان بمعنى التفكر. وقال آخرون: استعمال النظر في البصر أكثر عند العمامة، وفي البصيرة أكثر عند الخاصة. وقيل؛ نظرت إلى كذا: مددت طرفي إليه، رأيته أم لم تره. ونظرت إليه، أي رأيته وتدبرته أيضًا، كقوله تعالى: ﴿أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت﴾ [الغاشية].
قوله: ﴿أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض﴾ [الأعراف: ١٨٥] هذا بمعنى الفكرة، حثهم على تأمل حكمته في خلقها وما فيها من عجائب المصنوعات، وتباين المخلوقات. قوله: ﴿ولا ينظر إليهم﴾ [آل عمران: ٧٧] نظر الله تعالى إلى عباده عبارة عن إحسانه إليهم وإفاضة نعمه عليهم، وهو متعالٍ عن تقليب الحدقة والحاسة. قوله تعالى: ﴿انظرونا نقتبس﴾ [الحديد: ١٣] أي انتظرونا. وقد قرئ: «أنظرونا» من الإنظار وهو التأخير، لقوله: ﴿أنظرني إلى يوم يبعثون﴾ [الأعراف: ١٤]. قوله: ﴿وما كانوا منظرين﴾ [الدخان: ٢٩] قال بعضهم: نفي الأنظار عنهم إشارةً إلى ما نبه عليه بقوله تعالى: ﴿فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون﴾ [الأعراف: ٣٤]. قوله: ﴿غير ناظرين إناه﴾ [الأحزاب: ٥٣] أي منتظرين نضجه. قوله تعالى: ﴿وقولوا انظرنا﴾ [البقرة: ١٠٤] أي انتظرنا وتأن علينا، كما تقدم. ومن ذلك قول امرئ القيس: [من الطويل]


الصفحة التالية
Icon