[البقرة: ١٥] من باب المقابلة، وإلا فحقيقة الاستهزاء على الله محال. وقيل: إنه عبر عن إمهاله لهم وازدراء رزقه عليهم، وأخذهم بعد ذلك بفتة بالاستهزاء. ويقال: إن الاستهزاء الانتقام. وأنشد: [من الطويل]

١٧٣٤ - قد استهزؤوا منا بالأفي مدججٍ سراتهم وسط الصحاصح جثم
قيل: فعلى هذا لا يحتاج إلى تأويلٍ. ويدل عليه أنه تعدى عن أن يقال: هزأت منه وبه. ومنه قول الشاعر: [من الرجز]
١٧٣٥ - قد هزأت مني أم طيسلة... قالت: أراه معدمًا لا مال له
والاستهزاء في البيت إنما معناه الاستخفاف والسخرية. وكونه بمعنى الانتقام بعيد التأويل، أي انتقمت مني بهذا القول. ويروى أن يفتح للكفرة باب من الجنة فإذا قاربوها أغلق، فذلك الاستهزاء بهم. وقد قرئ قوله: ﴿أتتخذنا هزوًا﴾ بسكون العين وضمها وبالواو، حسبما بينا ذلك في "العقد".
هـ ز ز:
قوله تعالى: ﴿وهزي إليك بجذع النخلة﴾ [مريم: ٢٥] الهز: التحريك بشدةٍ، يقال: هزه يهزه، وهز الرمح فاهتز. واستعير ذلك في قولهم: هززت فلانًا للعطاء، أي حركته بما ذكرته له من المكارم والمآثر. وقوله تعالى: ﴿تهتز كأنها جان﴾ [النمل: ١٠] إشارة إلى شدة حركتها واضطرابها، وأنها فاقت أبناء جنسها في حركتها ونشاطها. وقوله: ﴿اهتزت وربت﴾ [الحج: ٥] أي تحركت حركة شديدة تشقها عن نباتها وأزهارها بسبب إنزالها الماء بعد أن كانت على عكس هذه الصفة قبل ذلك.
واهتز الكوكب في انقضاضه. وسيف هزهاز. ورجل هزهز: خفيف. وكذلك ماء


الصفحة التالية
Icon